
إسرائيل تقصف في قطر… نتيجة طبيعية لسياسة الغطرسة

محمد ناجي الهميس
أمد/ لم ولن نستغرب من قيام إسرائيل باستهداف قيادات من حركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة، فهذا السلوك ليس جديدًا على كيان احتلال اعتاد أن يتجاوز القوانين الدولية، ويتنصل من كل القيم والأعراف الدبلوماسية، ويمارس إرهاب الدولة بلا رادع. إن ما جرى ليس حادثًا عابرًا، بل نتيجة طبيعية لمسار طويل من الغطرسة والهيمنة، حيث لا ترى إسرائيل في العالم شريكًا، بل ساحة مفتوحة لتمرير أجندتها بالقوة.
لقد جاءت الغارة على الدوحة في لحظة كانت فيها قطر تقوم بدور الوسيط، وتتحرك الجهود الدولية لوقف نزيف الدم وفتح نافذة للتهدئة. إسرائيل، بهذه الخطوة، لم تكتفِ بعرقلة أي أفق للسلام، بل أرادت أن توصل رسالة واضحة: إنها لا تعترف بوساطات، ولا تحترم سيادات، وأنها مستعدة لتوسيع نطاق صراعها حتى على أرض دول مستقلة وآمنة.
هذه ليست المرة الأولى التي تسعى فيها إسرائيل إلى اغتيال رموز المقاومة خارج فلسطين، لكنها المرة الأوضح التي تكشف للعالم أن الكيان المحتل لا يتورع عن ارتكاب أي عدوان، حتى لو كان ذلك في قلب دولة عربية تلعب دورًا سياسيًا محوريًا. وهنا يبرز السؤال: كيف يمكن لمشروع سلام أن يولد في ظل طرف يضرب في كل اتجاه، ويقابل مبادرات الحلول السياسية بالقصف والدم؟
إننا نقرأ ما جرى في قطر كحلقة جديدة من مسلسل طويل: الاحتلال كلما ضاق عليه الخناق وفشل في الميدان، لجأ إلى تصدير أزماته عبر الاغتيالات والتصعيد. هو لا يملك سوى منطق القوة، ويجهل أن القوة وحدها لا تصنع أمنًا ولا تبني استقرارًا. بل على العكس، كل رصاصة يطلقها وكل غارة ينفذها تزيد من عزلة هذا الكيان وتضعف موقفه أمام الرأي العام العالمي.
لقد آن الأوان للعالم أن يدرك أن هذه ليست "ردود فعل عابرة" بل سياسة ممنهجة، وأن من يتغاضى عنها أو يبررها إنما يشارك في صناعة الفوضى. أمّا الشعوب، فقد باتت أكثر وعيًا، وأصبحت ترى بعين الحقيقة أن العدوان على قطر لم يكن استثناءً، بل هو تأكيد على أن الاحتلال لا يعرف حدودًا لجرائمه.
ولذلك، لم ولن نستغرب من إسرائيل. هي فعلت ما اعتادت أن تفعله: تصادر الحق، وتنتهك السيادة، وتغتال كل أفق للحوار. الجديد فقط أن العالم بات يقترب أكثر من لحظة الاعتراف بالحقيقة: هذا الكيان لا يفهم إلا لغة القوة، وأن رد المظلومين عليه ليس خيارًا، بل نتيجة طبيعية .