أمد/ انطلق على قناة المشهد برنامج "50 دقيقة" الذي يعده ويقدمة الإعلامي الفلسطيني محمد أبوعبيد ويستضيف في كل حلقة أحد المفكرين أو المؤرخين ممن لهم نتاجات في التأليف خاصة في ما له علاقة بالحقائق التاريخية أو الفكر السياسي أو الاجتماعي أو الفلسفي، وما يخص قضايانا المعاصرة وأبرزها القضية الفلسطينية وإنشاء إسرائيل، أو قضايا دولية أخرى.

موقع أمد سأل الإعلامي أبو عبيد عن فكرة البرنامج وهدفه فأجاب بأن الفكرة حملها معه خلال انتقاله من قناتي العربية والحدث إلى المشهد، وتأنى في تنفيذ الفكرة نظرا لكون المشهد قناة جديدة حينها فكان الأفضل التروي لحين أن تصبح القناة على خريطة الإعلام العربي وهو ما تحقق، وكانت الفكرة محط إعجاب مديرة البرامج الأستاذة ريما عساف، ويضيف أبو عبيد بأنه فعلا اتفق مع الأستاذة ريما على وضع خطة للبرنامج إذ إن الفكرة - كما يقول أبوعبيد- تقوم على استضافة النخب من ذوي الفكر الغزير والظهور الإعلامي القليل، وممن لا يعرف الجمهور العربي الكثير عنهم، وخاصة من الأصوات اليهودية التي تحدثت عن الحق الفلسطيني وما ألحقته إسرائيل منذ تأسيسها عام 1948 بالشعب الفلسطيني وإنكار حقه، إذ تدحض هذه الأصوات مزاعم إسرائيل والاختراعات التاريخية على يد الصهيونية.

ويقول أبو عبيد إن استضافة مثل هؤلاء المفكرين والمؤلفين فيه تحد لسببين رئيسيين أولهما عدم معرفتهم مسبقا بالجهة الإعلامية التي سيظهرون عليها خاصة أنهم مقلون في الظهور الإعلامي حتى على قنوات كبرى أجنبية وعربية، وثانيا أننا نفتقد لجمهور عريض يبحث عن القيمة في المعلومة والطرح نظرا لاتجاه شريحة واسعة جدا من الجمهور العربي نحو البرامج المسلية وأحيانا السطحية ولهذا برنامج مثل "50 دقيقة" فيه تحد كبير وهو ما نجحتُ في تخطي باكورة هذا التحدي.

البرنامج الذي انطلق قبل شهر بُث منه حتى الآن ثلاث حلقات -الحلقة تعرض كل سبت- وهي حلقات كفيلة في إثراء المشاهد العربي بالكثير من المعلومات التاريخية والسياسية وقصص التحول في الرأي والمواقف، فكانت الحلقة الأولى مع الناشط اليهودي ميكو بيليد الذي ألف كتاب "ابن الجنرال.. رحلة إسرائيلي في فلسطين" وتحدث في الحلقة عن قصة تحوله من الصهيونية إلى منقلب عليها ليصبح أحد أهم المدافعين عن الحق الفلسطيني، ويروي الحادثة التي كانت نقطة التحول الكبرى في حياته وهي مقتل ابنة شقيقته في عملية فلسطينية في القدس، ويؤكد بيليد في الحلقة أن ما رآه في الضفة الغربية وهو يؤلف كتابه أن هذه الأرض كانت فلسطين وستظل فلسطين.

أما الحلقة الثانية فكانت مع المؤرخ اليهودي إيلان بابيه أحد أبرز من كتب عن التطهير العرقي في فلسطين ووثقه في عدة كتب ودفع ثمنا بسبب مواقفه وواجه حملة تحريض كبرى ضده داخل المجتمع الإسرائيلي، بابيه يفسر في حواره مع أبوعبيد  نشوء الصهيونية التي بدأت مسيحية بروتستانتية إنجيلية وكيف رفضها اليهود في بداية الأمر.

أما الحلقة الثالثة فكانت مع الكاتب الصحافي الإسرائيلي البارز جدعون ليفي الذي يغطي ويوثق الانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ أكثر من أربعين عاما.

يروي ليفي لأبوعبيد كيف قرر أن يكون صوتا معاكسا لأصوات الإعلام الإسرائيلية التي تضلل المجتمع الإسرائيلي وتخفي عنه ما يتعرض له الفلسطينيون من انتهاكات واضطهاد على يد الجيش والمستوطنين الذين يصفهم ليفي بالعصابات المتطرفة التي قد تهاجم غدا مواطني تل أبيب العلمانيين.

يضيف الإعلامي أبوعبيد بأن البرنامج سيستضيف في الحلقات المقبلة العديد من النخب وفي موضوعات أخرى مختلفة لكن كانت البداية مع هذه الأصوات بسبب تركيز العالم حاليا على المأساة الفلسطينية بفعل الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة لمدة سنتين وأسفرت عن إبادة ذهب ضحيتها عشرات آلاف الفلسطينيين وتدمير كامل لأغلب قطاع غزة.

برنامج "50 دقيقة" من البرامج النوعية التي تستحق الانتشار والمتابعة ويظهر فيها الإعلامي محمد أبو عبيد مهارة عالية في الحوار وثقافة قد يظلمها العمل في تقديم الأخبار.