الصمت العظيم: إبادة إسرائيل، التواطؤ الغربي، وجبن توماس فريدمان

تابعنا على:   17:43 2025-09-07

فرانسن تيم

أمد/ المقدمة: جبن فريدمان هو مرض الغرب

توماس فريدمان، بوصلة المؤسسة الأميركية الدائمة، نشر للتو مقالة رأي مشينة أخرى في صحيفة نيويورك تايمز. عنوانها: “حملة إسرائيل على غزة تحوّلها إلى دولة منبوذة.”
يبدو العنوان جريئًا، أليس كذلك؟ خطأ.
إذا كشفت السطح ستجد أنه يفيض بنفس الجبن، وعدم الصدق، والغطرسة الاستعمارية التي ميّزت التعليق الغربي على فلسطين طوال قرن.

فريدمان يُحمِّل مسؤولية وضع إسرائيل كدولة منبوذة لنتنياهو وسيركه من المتطرفين اليمينيين أمثال سموتريتش وبن غفير—كما لو أن الفصل العنصري والتطهير العرقي والتفوق الصهيوني كانت اختراعات العقد الماضي.
يتجرأ ويقول إنه “سيترك للمؤرخين” أن يقرروا ما إذا كان ما يحدث في غزة إبادة جماعية—كما لو أن عشرات الآلاف من الفلسطينيين المذبوحين، والمجاعة، وأحكام محكمة العدل الدولية لا تزال قابلة للنقاش.

هذا ليس صحافة. هذه عملية غسل للإبادة الجماعية من خلال جبن مهذب. وهذا بالضبط هو السبب في أن إسرائيل استطاعت أن تقتل دون عقاب لعقود.

1. لنُصحِّح التاريخ

فلسطين لم تبدأ بالنزيف في 7 أكتوبر 2023. الرعب بدأ قبل ذلك بكثير، قبل أن توجد حماس، وقبل الصواريخ.
    •    1917: بريطانيا توقع وعدًا ببلد لا تملكه—وعد بلفور—تتعهد فيه بـ”وطن قومي لليهود” في فلسطين، متجاهلة الأغلبية العربية التي شكّلت 90% من السكان.
    •    1948: النكبة. تم تطهير 750,000 فلسطيني عرقيًا، وتدمير أكثر من 400 قرية، ومنع اللاجئين من العودة. وُلدت إسرائيل في الدم والاقتلاع.
    •    1967: إسرائيل تستولي على غزة، والضفة الغربية، والقدس الشرقية. الاحتلال يصبح دائمًا.
    •    2007: غزة محبوسة في قفص فولاذي. 2.3 مليون إنسان محاصرون، مجوَّعون، يُقصفون متى شاءت إسرائيل.

هذه هي الأسس: استعمار استيطاني، تطهير عرقي، فصل عنصري. نتنياهو لم يخترع هذا. الصهيونية فعلت. فريدمان يتجاهل ذلك لأن الحقيقة تجعل الدعم الغربي لإسرائيل يبدو بالضبط كما هو—تواطؤ في جريمة ممتدة لقرن.

2. الفصل العنصري ليس نقاشًا. إنه حقيقة

منظمة العفو الدولية تسميه فصلًا عنصريًا. هيومن رايتس ووتش تسميه فصلًا عنصريًا. حتى “بتسيلم” الإسرائيلية تسميه فصلًا عنصريًا.

لماذا؟ لأن:
    •    المستوطنون يعيشون تحت القانون المدني، والفلسطينيون تحت القانون العسكري.
    •    الفلسطينيون محرومون من الأرض، والماء، وحرية التنقل.
    •    “قانون الأساس” لعام 2018 يعلن التفوق اليهودي، جاعلًا الفلسطينيين مواطنين من الدرجة الثانية إلى الأبد.
    •    الجدار، والحواجز، والطرق المنفصلة—بنية كاملة للسيطرة.

هذا هو الفصل العنصري بالأبيض والأسود. فريدمان لن يسميه لأنه إذا سماه سينهار وهْمُه المهذّب.

3. الإبادة الجماعية ليست موضوعًا للنقاش

افتتاحية فريدمان—“سأترك للمؤرخين أن يناقشوا ما إذا كانت إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة”—يجب أن تُسقطه من أي اعتبار جاد مرة أخرى.

لا يوجد نقاش. وفق كل معيار قانوني، تلبي حملة إسرائيل تعريف الإبادة الجماعية: القتل، إلحاق الأذى الجسدي الخطير، وخلق ظروف محسوبة لتدمير شعب.

الأرقام تتحدث بصوت أعلى من جبنه:
    •    أكثر من 63,000 فلسطيني قُتلوا، وفق وزارة الصحة في غزة.
    •    أكثر من 186,000 قتيل، وفق مجلة ذا لانسيت، عند احتساب الجوع والوفيات غير المباشرة.
    •    تهجير كامل للسكان مرارًا وتكرارًا.
    •    مليون إنسان يواجهون المجاعة.
    •    تدمير المستشفيات، والمدارس، والملاجئ عمدًا.

محكمة العدل الدولية حكمت بالفعل بأن قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل “معقولة.” هذه لغة قانونية تعني: الجريمة تحدق في وجوهنا.

رفض تسمية الإبادة الجماعية هو تواطؤ فيها. نقطة.

4. توقفوا عن تسميتها حربًا. إنها مجزرة

حيلة أخرى لفريدمان: تسمية غزة بـ”حرب.” هذه الكلمة تقوم بالكثير من العمل القذر.

الحروب تفترض وجود جيشين. غزة بلا جيش. إسرائيل تنشر طائرات إف-35، ودبابات، وطائرات مسيرة، وقنابل خارقة للتحصينات. يقاوم الفلسطينيون بصواريخ بدائية وبنادق.

هذه ليست حربًا. إنها ذبح. حملة إبادة من طرف واحد. تسمية ذلك بـ”حرب” تغسل الإبادة الجماعية وتحوّلها إلى “أضرار جانبية.” وهذا هو الخطاب الدعائي الذي يكرره فريدمان obediently.

5. التواطؤ الغربي: دم على كل يد

لا تخدع نفسك—إسرائيل لا تفعل هذا وحدها. كل قنبلة تسوّي عمارة في غزة بالأرض تحمل عنوان عودة في واشنطن أو برلين.
    •    الولايات المتحدة أرسلت مليارات الدولارات من الأسلحة منذ 7 أكتوبر.
    •    الاتحاد الأوروبي يذرف دموعًا على أوكرانيا بينما يوقع صفقات تجارية مع إسرائيل.
    •    المساعدات الإنسانية؟ مُختنقة، مُجوَّعة، مُسَيَّسة كسلاح. قوافل قُصفت. رُضّع حُرموا من الحليب.

هذا ليس حيادًا. هذا تواطؤ في الإبادة. فريدمان لا يتطرق إليه لأن فضح التواطؤ الأميركي يعني فضح مسيرته ككاتب متحدث باسم الإمبراطورية.

6. كذبة الرهائن وصمت الأسرى

فريدمان يكرر الكذبة القائلة إنه لو أفرجت حماس عن الرهائن، لما ذُبح الفلسطينيون.

لنكن واضحين:
    •    إسرائيل تحتجز آلاف الأسرى الفلسطينيين، كثير منهم بلا تهمة، وكثير منهم تعرضوا للتعذيب.
    •    الإعلام الغربي لا يسميهم “رهائن.” هذه الكلمة محفوظة للإسرائيليين فقط.
    •    معاناة الفلسطينيين تُمحى، وأسرهم يُحجب عن الأنظار.

هذه هي آلية نزع الإنسانية: الأرواح الإسرائيلية تُحسب، والأرواح الفلسطينية لا. فريدمان يتبناها، ويعيد إنتاجها، ويسميها صحافة.

7. إسرائيل خاضعة لـ”معايير أعلى”؟ أرجوكم

يتجرأ فريدمان ويكتب أن إسرائيل تعاني الانتقادات لأنها تلتزم بـ”معايير أعلى.” يا للسخرية.

إليكم الواقع:
    •    التطهير العرقي عام 1948 تم التغاضي عنه.
    •    احتلال 1967 تم التسامح معه.
    •    عقود من المجازر في غزة جرى تبريرها.
    •    إبادة اليوم مُوِّلت وسُلّحت.

إسرائيل لم تُحاسب بمعايير أعلى. لقد مُنحت تصريحًا مجانيًا للقتل، والاقتلاع، والاستعمار دون عواقب. تم حمايتها، وتدليلها، وتبريرها. لهذا وصلنا إلى هنا.

8. “حلول” فريدمان: دبلوماسية الفتات

فكرته العظيمة؟ وقف إطلاق النار مقابل الرهائن. تسليم غزة للسلطة الفلسطينية، مع استبعاد حماس.

الترجمة: إعادة تغليف أوسلو. بانتوستان متنكر في هيئة “دولة.” سلطة فلسطينية دمية تحكم قفصًا، بينما توسع إسرائيل المستوطنات في الضفة الغربية وتكرّس الضم.

الفلسطينيون يسمون هذا “دبلوماسية الفتات”—فتات من الحكم الذاتي، لا سيادة. فريدمان يروج لها لأن العدالة الحقيقية تُرعبه.

9. الطريق الحقيقي إلى الأمام

إذا أراد العالم السلام، فالأمر ليس معقدًا. إنه يتطلب الشجاعة:
    1.    إنهاء الاحتلال، كما أمرت محكمة العدل الدولية.
    2.    تفكيك قوانين وهياكل الفصل العنصري.
    3.    احترام حق العودة للاجئين.
    4.    إجراء انتخابات فلسطينية حرة—تشمل حماس.
    5.    دفع تعويضات. إعادة إعمار غزة.
    6.    إطلاق لجنة حقيقة ومصالحة لكشف السجل التاريخي الكامل.
    7.    خلق شرق أوسط خالٍ من السلاح النووي.

أي شيء أقل هو خيانة. أي شيء أقل يضمن مزيدًا من الدم.

10. فلسطين: البوصلة الأخلاقية لعصرنا

هذا ليس “صراعًا.” هذا ليس “معقدًا.” إنه مشروع استعماري استيطاني عمره قرن يصل إلى ذروته الإبادية. من بلفور إلى النكبة إلى أنقاض غزة اليوم، القصة هي قصة سرقة، واقتلاع، وتواطؤ غربي.

فريدمان يمثل الوجه المهذب لذلك التواطؤ—الصوت الليبرالي المريح الذي يبدي أسفه لكنه لا يسمي الجريمة. إنه مرض الغرب: الجبن متنكرًا في هيئة براغماتية.

لكن خارج تلك الغرف الصدى، الحقيقة واضحة وضوح الشمس. إسرائيل تنهار تحت ثقل جرائمها. فلسطين تنزف، لكنها لم تنكسر. والمجتمع المدني العالمي يتجمع أكثر من أي وقت مضى.

فلسطين هي خط المواجهة للعدالة في القرن الحادي والعشرين. إذا خان العالم الفلسطينيين مرة أخرى، فسيكون معنى ذلك أن الإبادة الجماعية أصبحت طبيعية، وأن الفصل العنصري قد قُنّن، وأن القانون الدولي تحوّل إلى نكتة.

إذا حُرمت العدالة هنا، فقد حُرمت في كل مكان.

الكلمة الأخيرة

إبادة إسرائيل ليست جريمة إسرائيل وحدها—إنها جريمة الغرب أيضًا. والتاريخ لن يعفو عن المصفقين، أو الجبناء، أو الكتّاب الذين تجرأوا على المواربة بينما كانت غزة تحترق.

فلسطين هي الاختبار. والعالم يفشل

اخر الأخبار