"أسطول الصمود" يتحدى مناورات الترهيب الإسرائيلية والضغوط الأوروبية

تابعنا على:   18:30 2025-10-01

أمد/ متابعة: أعلن القائمون على "أسطول الصمود العالمي" لكسر الحصار عن قطاع غزة، يوم الأربعاء، أن سفنهم ستواصل الإبحار باتجاه القطاع على الرغم من "مناورات ترهيب" نفذتها قطع حربية إسرائيلية خلال الليل، إلى جانب ضغوط أوروبية متزايدة لحملهم على التوقف قبل دخول ما تعتبره إسرائيل "منطقة محظورة".

ويضم الأسطول نحو 50 سفينة على متنها مئات الناشطين الدوليين من أكثر من 40 دولة، محمّلين بمساعدات إنسانية تشمل حليب الأطفال ومواد غذائية وأدوية، ويؤكد المنظمون أن مهمتهم "سلمية وغير عنيفة" هدفها إيصال الإمدادات إلى سكان قطاع غزة المحاصرين.

وقد شارك في هذه المبادرة شخصيات بارزة، بينها حفيد نيلسون مانديلا، ماندلا مانديلا، والناشطة السويدية غريتا تونبرغ، والنائبة الأوروبية الفرنسية ريما حسن، ورئيسة بلدية برشلونة السابقة آدا كولاو، والمئات من الناشطين الرافضين لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة.

وبحسب بيان الأسطول، تعرّضت السفينة الإسبانية "ألما"، إحدى أبرز سفن القافلة، لعملية ملاحقة من سفينة حربية إسرائيلية اقتربت منها "بشكل عدائي لعدة دقائق"، ما أدى إلى تعطيل أنظمة الاتصالات واضطرار القبطان لإجراء مناورة سريعة لتفادي الاصطدام.

وأضاف البيان أن السفينة الإسرائيلية كررت السلوك ذاته تجاه سفينة "سيريوس" لفترة طويلة قبل أن تنسحب. النائبة الفرنسية ماري ميسمور، المتواجدة على متن "سيريوس"، وصفت المشهد بأنها شاهدت "سفينتين مجهولتين على الأقل، كانت إحداهما قريبة للغاية، ووجهت ضوءًا مبهرًا نحو السفينة"، وأكدت أنه بالتزامن "انقطعت الاتصالات عبر الرادار والإنترنت"، ما استدعى رفع حالة التأهب على متن القارب.

وأكد المنظمون أن هذه الحوادث تأتي استكمالًا لهجمات سابقة استهدفت الأسطول خلال الأسابيع الماضية، بينها هجوم بمسيّرات وقنابل حارقة ليلة 23 و24 أيلول/ سبتمبر، إضافة إلى هجومين بمسيّرات على سفن كانت راسية في ميناء سيدي بوسعيد التونسي في التاسع من الشهر ذاته.

وكان الأسطول قد انطلق أولًا من إسبانيا مطلع أيلول/ سبتمبر، قبل أن تبحر مجموعة ثانية من تونس منتصف الشهر. ومنذ ذلك الحين، واجه المشاركون سلسلة من الاعتداءات البحرية والجوية، فضلًا عن حملات ضغط متكررة لثنيهم عن الوصول إلى شواطئ غزة.

وفي بيانات سابقة، أُعلن عن دخول السفن مناطق وُصفت بأنها "عالية المخاطر" قبالة سواحل مصر، وتعرضت خلالها أنظمة الاتصالات للتشويش، كما أُعلنت حالة الطوارئ على متن سفينة "ألما" تحسبًا لتهديدات إسرائيلية محتملة.

وبحسب أحدث موقع أعلنه المنظمون عند الساعة 08:30 بتوقيت القدس، فإن الأسطول كان متمركزًا شمال السواحل المصرية، على بعد 120 ميلاً بحريًا تقريبًا (220 كيلومترًا) من قطاع غزة. وأكد المنظمون أنهم "سيواصلون مسارهم غير عابئين بالتهديدات وأساليب الترهيب الإسرائيلية".

في الأثناء، اتخذت إسبانيا وإيطاليا واليونان خطوات علنية للضغط على المشاركين. فقد أرسلت روما ومدريد سفنًا عسكرية لمرافقة الأسطول في البحر المتوسط، لكنهما شددتا على أن هذه المرافقة لن تتجاوز حدود 150 ميلاً بحريًا من غزة، وهي المسافة التي أعلنتها إسرائيل كمنطقة محظورة. وطالبت مدريد وروما الأسطول بالتوقف والتخلي عن مهمته.

واقترحت إيطاليا واليونان، الأربعاء، على أسطول الصمود العالمي، باعتماد طرق بديلة لإيصال المساعدات الإنسانية التي على متن سفنها، إلى قطاع غزة، "بشكل آمن". جاء ذلك في بيان مشترك صادر عن وزيري خارجية إيطاليا، أنطونيو تاغاني، واليونان، يورغوس يرابتريتيس، بحسب ما نشرت الخارجية الإيطالية.

وأكد البيان المشترك أن روما وأثينا تتابعان عن كثب التطورات المتعلقة بأسطول الصمود. وطالب السلطات الإسرائيلية "بضمان أمن وسلامة النشطاء المشاركين في أسطول الصمود، والسماح بجميع إجراءات الحماية القنصلية".

كما دعا البيان المشاركين في الأسطول، إلى اعتماد طرق بديلة لإيصال المساعدات إلى غزة، وذلك عبر تسليمها للبطريركية اللاتينية في القدس، على أن توزع على فلسطينيي القطاع "بشكل آمن".

بدوره، دعا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، إسرائيل إلى "عدم تشكيل تهديد" على أسطول الصمود العالمي، مؤكدا أنه يجري مهمة إنسانية. جاء ذلك في تصريحات للصحافيين، الأربعاء، حيث أفاد أنهم على تواصل مع أعضاء الأسطول.

وشدد على أن الأسطول هو مهمة إنسانية، قائلا "نحن نتحدث عن أكثر من 500 شخص، هؤلاء لم يشكلوا في أي وقت من الأوقات أي خطر أو تهديد على إسرائيل. ولهذا آمل ألا تُشكل حكومة (بنيامين) نتنياهو أي تهديد لهذا الأسطول".

وأشار أن بلاده أرسلت فرقاطة إلى المنطقة لأغراض الإنقاذ وتقديم المساعدات الإنسانية، وأن المواطنين الإسبان على متن الأسطول سيكونون "تحت الحماية الدبلوماسية اللازمة". وأضاف: "لو أن الحكومة الإسرائيلية سمحت بدخول وتوزيع المساعدات الإنسانية التي نسقتها الأمم المتحدة، لما كانت هناك حاجة لمثل هذه المهمة".

كما دعت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، مساء الثلاثاء، إلى "التوقف حالًا" لإتاحة المجال أمام جهود سياسية، مشيرة إلى خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بشأن غزة. وردّ المنظمون على ذلك باتهام روما بمحاولة "تقويض مهمة إنسانية سلمية" والانحياز لإسرائيل.

وفي بيان منفصل نُشر عبر منصة "إكس" عند الفجر، أشار القائمون على الأسطول إلى أنهم "سيتوخون الحذر عند دخول المنطقة التي تعرضت فيها أساطيل سابقة للاعتراض أو الاعتداء"، في إشارة إلى سفينتي "مادلين" و"حنظلة" اللتين تم اعتراضهما في حزيران/يونيو وتموز/يوليو الماضيين.

ودعت جنوب إفريقيا، الأربعاء، إلى "التروي والحماية" للأسطول، معتبرة أن "الأمان والسلامة الجسمية للمشاركين غير المسلحين لها أهمية قصوى" وأن "أي تدخل عسكري أو احتجاز للسفن سيكون انتهاكا جسيما للقوانين الدولية".

إسرائيل تحشد قوات خاصة وتضع خطة شاملة "أسطول الصمود"

وفي الجانب الإسرائيلي، يستعد قرابة 600 شرطي، من بينهم عناصر من وحدات "حرس الحدود"، وحدة "يسام" ووحدات خاصة أخرى، للمشاركة في العملية الخاصة التي تستعد إسرائيل لتنفيذها ضد الأسطول.

وقد صادَق المفتش العام للشرطة، وفقا للقناة 12 الإسرائيلية، على الخطة التنفيذية بالتنسيق مع رئيس شعبة العمليات في الشرطة وقائد منطقة الجنوب، الذي سيتولى قيادة العملية ميدانيًا.

وبموجب الخطة، ستقوم وحدة الكوماندوز البحري في سلاح البحرية الإسرائيلي، باعتراض سفن الأسطول في عرض البحر.

ومن هناك، سيتم نقل المشاركين إلى ميناء أسدود لتسليمهم للشرطة.

وبحسب المخطط فإن "منذ هذه المرحلة، تنتقل القيادة والمسؤولية عنهم إلى الشرطة"، فيما سيكون في استقبالهم على الرصيف عناصر من سلطة السجون وطواقم الإسعاف.

وحسب الترتيبات الموضوعة، سيُنقل المشاركون عبر حافلات تابعة للشرطة وسلطة السجون إلى سجن "كتسيعوت" المحصّن في النقب، حيث سيتولى عناصر مصلحة السجون استيعابهم.

ووفقا للتقارير، فإن رئيس الحاخامية في الشرطة منح "إذنًا شرعيًا خاصًا" للعمل خلال ما يعرف بـ"يوم الغفران" اليهودي الذي يصادف يومي الأربعاء والخميس، على ضوء التقديرات بوصول سفن الأسطول إلى سواحل غزة ليل الأربعاء الخميس.

وذكرت القناة 12 عن مصادر أمنية إسرائيلية أنه "من سيكون مستعدًا للمغادرة دون مقاومة، سيتم نقله بعد انتهاء الصوم (مساء الخميس) إلى مطار بن غوريون، حيث سيُرحَّل على متن رحلة جوية إلى بلاده. أما من يعترض، فسيحال إلى هيئة قضائية خاصة ستقام داخل السجن".

ووفق الوضع القانوني الذي حُدد لهم كـ"أشخاص دخلوا إسرائيل بصورة غير قانونية"، لن يتم عرضهم أمام المحكمة لتمديد اعتقالهم، بل ستدير وزارة الداخلية ملفاتهم.

وقال ضابط كبير عن الاستعدادات: "هذا عمل حساس ومعقّد، بعض المشاركين شخصيات حساسة مثل أعضاء برلمان وشخصيات عالمية معروفة، ما يجعل العملية بالغة التعقيد".

وزعم أن لدى الشرطة معلومات استخبارية عن احتمال لجوء بعض الناشطين إلى "مقاومة الاعتقال بالقوة وحتى مهاجمة القوات"، مشددًا: "نحن نعلم أن هناك مناورات استفزازية متوقعة، ولذلك نستعد مسبقًا".

وبموازاة الترتيبات الميدانية، رفعت المستشفيات الإسرائيلية درجة الاستنفار استنادًا إلى "استخلاص العبر من أحداث أسطول مرمرة"، حين استشهد تسعة أشخاص وأصيب العشرات، في قمع الاحتلال للسفينة التي حاولت كسر الحصار عن غزة.

كما أجرت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، بدعم المستوى السياسي، اتصالات مع بحريات الدول التي أوفدت سفنًا لمرافقة الأسطول، "لاستيضاح نواياها وترتيب قواعد السلوك في البحر". وقد قبل الجيش التوضيح الذي قدمته هذه الدول بعدم نيتها الاشتباك معه، غير أنه "يخشى من وقوع احتكاك عنيف أثناء عملية السيطرة على الأسطول قد يفضي إلى تصعيد ومساس بصورة إسرائيل دوليًا".

وحذّرت جهات أمنية من أنّ "الحدث ذو احتمال عالٍ للمساس بمكانة إسرائيل في العالم"، داعية إلى إنهائه عبر تفاهمات سياسية، بينما انتقدت مصادر في الجيش "غياب الجهد السياسي الكافي لمنع المواجهة".

اخر الأخبار