محمد بن سلمان.. تبني الرواية الصهيونية في فلسطين

تابعنا على:   22:38 2023-09-24

سليم يونس الزريعي

أمد/ يحق لوزير الخارجية الصهيوني إيلي كوهين، أن يصف تصريحات محمد بن سلمان ولي العهد السعودي حول اقتراب التوقيع على اتفاقية تطبيع بين الكيان الصهيوني والسعودية، بأنها "تاريخية". وذلك لأن "التوقيع على الاتفاقية مع السعودية سيعتبر تطبيعًا مع العالم الإسلامي برمته، وأن هناك دولًا كثيرة ستحذو حذوها بعد ذلك". حسب الوزير الصهيوني.

ويمكن القول إن وصف التطبيع السعودي مع الكيان الصهيوني إنه تاريخي، هو حقا كذلك بالنسبة للكيان، لكن مجرد الحديث عن التطبيع بهذا الشكل هو صادم بالنسبة لأغلبية الشعب الفلسطيني وللعرب الأحرار ولكل إنسان حر، وهو يجعل من حق الشعب الفلسطيني وقواه المقاومة أن تعتبر السلوك السعودي سلوكا عدوانيا، وهو بالمعني السياسي والفكري والعملي إعلان رسمي لحقبة ما يسمى الصهيونية العربية، لأسباب تتعلق بموقع السعودية الديني وثقلها المالي . وهو من جانب آخر نعي لادعاءات الأخوة العربية والإسلامية لدى السعودية، بعد أن اعتبر محمد بن سلمان في مقابلة سابقة مع مجلة “ذي أتلانتيك” الأميركية نشرت نصها وكالة الأنباء السعودية الرسمية، أن بلاده لا تنظر إلى "إسرائيل" - التي تحتل كل فلسطين بقدسها وأقصاها- “كعدو” بل “كحليف محتمل”.

وبالمناسبة إذا جرى التعامل مع الوقائع التاريخية كسلسلة متصلة وليس بالقطعة يمكن القول إن السعودية تسير على نهج ملوكها في موقفهم من المشروع الصهيوني في فلسطين بدءا من الملك فهد ثم الملك عبدالله وصولا إلى محمد بن سلمان. الذي أعلن منذ أيام في مقابلة تلفزيونية إن بلاده تقترب بشكل مطرد من تطبيع العلاقات مع "إسرائيل". وأن المحادثات بشأن إقامة علاقات مع إسرائيل مستمرة وجيدة. مما جعل وزير خارجية الكيان الصهيوني يعتقد "أنها ستكون جاهزة في الربع الأول من عام 2024".

فيما كشف مسؤول صهيوني رفيع، أن بايدن ونتنياهو اتفقا على تشكيل طواقم عمل لبحث الأبعاد المختلفة لاتفاق تطبيع محتمل مع السعودية، بينما شددت التقارير الإسرائيلية على أن المباحثات بين نتنياهو وبايدن تركزت على التطبيع مع السعودية.

وتشير التقديرات الإسرائيلية، بحسب ما أوردت هيئة البث العام الإسرائيلية، نقلا عن مصادر إسرائيلية، إلى أن التوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات مع السعودية سيكون "في غضون ستة أشهر".

وهذه المصادر عللت ذلك بقولها "لا يمكنك أن تأتي إلى شعب، في بلد مثل السعودية، وتقول لهم فجأة: هناك سلام مع إسرائيل. يجب أن تمهد الأرض وتجهيزها لمثل هذه الخطوة".

وكشف مسؤول أميركي رفيع في البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي ورئيس الحكومة الإسرائيلية "ناقشا تفاصيل التفاصيل" المتعلقة بمساعي التطبيع بين السعودية وإسرائيل.

وأوضح المسؤول أن واشنطن تتوقع أن "ترى إجراءات تُعنى بمعالجة القضايا الجوهرية بين إسرائيل والفلسطينيين في إطار اتفاق التطبيع" مع السعودية.

في حين رد الوزير الصهيوني على ما يقال عن ربط إقامة العلاقات بتقدم على المسار الفلسطيني بالقول إن "الاتفاق مع السعودية غير مرتبط بالتقدم على الصعيد الفلسطيني، وأن القضية الفلسطينية ليست عقبة أمام تحقيق السلام الإقليمي".

والوزير الصهيوني اعتمد في ذلك على مقاربة محمد بن سلمان للموضوع الفلسطيني الذي اختزله "في تحسين حياة الفلسطينيين" عندما قال “أريد أن أرى حياة جيدة للفلسطينيين”.

وبن سلمان بقوله ذلك يتجاهل عن عمد أن الصراع في الجوهر يدور بين مشروع كولنيالي استيطاني وأصحاب الأرض الأصليين، وأن حله لدى أغلب الفلسطينيين يكون عبر كنس الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعودة اللاجئين حسب قرار الأمم المتحدة رقم 194. وهو ليس كما يقول رجل السعودية القوي وحاكمها الفعلي بن سلمان إن الأمر يتعلق بموضوع توفير شروط عيش إنسانية للفلسطينيين، في ظل نظام فصل عنصري فاشي صهيوني، مع أهمية وضرورة هذا الجانب، ولكن كحق ولبس منة من العدو، إلا أنه ليس القضية المركزية التي هي التحرير والعودة.

ونحن نقول واهم ولا يقرأ تاريخ تجربة الشعب الفلسطيني جيدا في محصلة خطها البياني الصاعد مرة والمتراجع أخرى، ولكنه الثابت، ولا يعي أن جوهر القضية الفلسطينية هو الاحتلال في ذاته، وأن حل الصراع هو في حل المشروع الصهيوني الذي تأسس على مجموعة من الأكاذيب وبدعم استعماري غربي وتواطؤ صهاينة عرب ومسلمين، ومفهوم الصهيونية هنا ذو بعد سياسي فكري، عنوانه أن كل من يتبني رواية المشروع الصهيوني وفق خرافات التوراة والمساهمة في تنفيذها هو صهيوني مهما كان عرقه أو دينه.

لكن اللافت هو غياب ردود فعل القوى لفلسطينية المقاومة، على حدث بمثل هذه الخطورة الاستثنائية على القضية الفلسطينية، التي كان يجب أن تحدد أن من يطبع يقف موضوعيا في خندق أعداء الشعب الفلسطيني، وتسمية الأشياء بأسمائها، لكن يبدو أن تلك الفصائل تعيش حالة انفصام، ونفاق وربما خوف وحسابات إقليمية حينما يغيب ردها السياسي والإعلامي على الصفقة السعودية مع الكيان، ومن صرح في سياق تبرئة الذمة أدان التطبيع بشكل عام، لكنه تعامل مع الدولة المطبعة كمبني للمجهول ( بيان حماس) في سلوك تغيب عنه النزاهة الفكرية والسياسية ويعكس علو المصالح على حساب الحقيقة والقضية للأسف .

وفي كل الأحوال فإن نوايا بن سلمان تمثل اصطفافا سعوديا إلى جانب الكيان الصهيوني في وقت يرتكب فيها أبشع الجرائم ضد الشعب الفلسطيني وينتهك حرمات الأقصى والقدس، وهذا الاصطفاف هو الأخطر، بسبب مكانة السعودية الدينية لدي المسلمين، لكننا من واقع تجربة شعبنا نعتقد، أنه مهما فعلت السعودية أو غيرها من المتصهينين العرب والمسلمين ـ فإنه لن يكون هناك استقرار أو أمن أو سلام طالما لم تحل القضية الفلسطينية، كما يريد الشعب الفلسطيني وليس كما يتوهم أولئك المتصهينين.

كلمات دلالية

اخر الأخبار