الانتخابات والشعب مصدر السلطات

تابعنا على:   00:16 2021-01-30

د. ناجى صادق شراب

أمد/ لم يمارس الشعب الفلسطيني حقه الدستورى والقانونى في ممارسة السلطه وإختيار ممثليه في السلطتين الرئاسية والتشريعية إلا مرتين ألأولى في انتخابات 1996 وإختيار ممثلي السلطة التشريعية وإنتخاب الرئيس عرفات كأول رئيس يأتي بالإنتخاب. وهى الانتخابات التى فازت فيها فتح تشريعا ورئاسة لتكتمل سيطرتها على كل مؤسسات السلطة ومنظمة التحرير.والإنتخابات لثانية في عام 2006 والتي فازت فيها حماس بالتشريعى والحكومة وفتح بالرئاسة.

ومنذ ذلك التاريخ لم تتم الإنتخابات. وبحسابات ألأرقام الشعب الفلسطينى لم يمارس حقه كمصدر للسلطات على مدار أربعة وعشرين عاما عشرة أعوام ما بين الانتخابات ألأولى والثانية وأربعة عشر عاما منذ إنقلاب حماس وسيطرتها على غزه والتنازع على الشرعية والتمثيل.

وهى فترة كفيله أن تعمل على تضخيم السلطة وتقوىة النزعات ألأمنية القمعية وتكميم كثير من ألأفواه، وتعمل على تقليص هامش الحرية وممارسة الحقوق التى نص عليها القانون الأساسى الفلسطيني . وتغييب دور الشعب كمصدر للسلطات نجم عنه تجميد للشرعية السياسية وإحتكار للسلطة وضعف مؤسساتى وتراجع في فعالية وتأثير القرار السياسى الفلسطينى في كافة مستوياته.

والنتيجة الحتمية لعدم ممارسة الشعب لسلطاته الفشل في بناء نظام سياسى ديموقراطى توافقى حاضن لكل مكونات القوة الفلسطينية ، وكإطار لصناعة القرار الذى يشارك فيه الكل مما يدعم الخيارات والمقاربات الفلسطينية، وفى بلورة الأهداف الوطنية الفلسطينية العليا والآليات اللازمة لتحقيقها ،وفى مقدمتها إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، ومن هذا المنظور عدم إجراء الانتخابات على مدار هذه الفترة الطويلة يعنى تراجعا في المدة نفسها لتحقيق الأهداف الوطنية .

والشعب كمصدر للسلطات منصوص عليه في كل المواثيق الدولية ، ففي المادة 21 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان نص صريح على ان الشعب مصدر السلطات ويعبر عن هذه السلطات بممارسة الانتخابات الدورية المتفق عليها والنزيهة. وتؤكد الإتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الإنسان على ان لكل مواطن الحق ان يمارس حقه في التصويت والترشح في الانتخابات. هذه حقوق فطرية مثبته دوليا ، ومثبته في القانون الأساسى الفلسطينى . وعدم إجراء الانتخابات في مواعيدها إنتهاك وتعدى على هذه الحقوق. في هذا السياق إصدار المراسيم الرئاسية بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطنى إستعادة لممارسة الشعب الفلسطينى لحقه في إختيار ممثليه ونوابه ، وتجديد للشرعية السياسية والمؤسساتيه .

وقد يتساءل البعض كيف لهذه الانتخابات وحالة الإنقسام قائمه ومتجذره، والرد ببساطه أن إجراء الانتخابات النزيهة والشفافة وفى ظل ضمانات قانونية وسياسية ومراقبه دوليه وإقليميه إسقاط لحالة ألإنقسام، لأننا سنكون امام حكومة وطنيه واحده ومؤسسات سياسية لها صفة الشرعية وإتخاذ القرار الملزم.

من أهمية هذه الانتخابات وضرورة إجرائها تعبير عن إرادة الشعب الفلسطينى وتأكيد على وحدانيته ورفضا لكل مشاريع تهدف إلى تفكيكه وتجزئته في بقع ومناطق منعزله بحكم الاحتلال.

وعلى مدار الأربع وعشرين عاما من عدم ممارسة الانتخابات عبر الشعب الفلسطيني ومن خلال وسائل كثيره عن رفضه لكل مظاهر الاحتلال، ولكل إنتهاك لحقوقه ألأساسية من قبل من يمارسون السلطة والحكم في الضفة وغزه، وخرجت كثير من صور الإحتجاج الشعبى التى قوبلت بالقمع.

الآن دور الشعب الفلسطينيى أن يؤكد على حقه في ممارسة السلطة وأنه مصدر لكل السلطات. واى تقصير في ممارسة هذا الحق يتحمله الشعب الفلسطيني ، فالشعب الفلسطيني يملك من الكفاءات والخبرات والعقول ونسبة التعليم لدىه عالية جدا مما يمكنه من ممارسة السلوك الديموقراطى والإختيار الإنتخابى السليم.

وكما يقول الصحفى والروائى البريطاني جورج أوريل:الشعب الذى يتبنى الفا سدين والإنتهازيين والمحتالين والناهبين والخونة لا يعتبر ضحية بل شريك في الجريمة.تأتى الانتخابات الفلسطينية بعد الانتخابات ألمريكية وفوزالرئيس بايدن الذى سيكون اكثر إنفتاحا على الفلسطينيين بعد القرارات الكارثيه التي أتخذتها إدارة ترامب السابقة، وبعد الإنتخبات الإسرائيلية المقرره في مارس، وبعد التحولات في العلاقات العربية الإسرائيلية. فلذلك هي خيارات حتمية ولا مجال للتراجع والفشل فيها، فالحاجة الوطنية تستوجب سلطة فلسطينية واحده ولها صفة الشرعية حتى تكون قادره على التعامل والتكيف مع التحولات الإقليمية والدولية.

ولهذا تحتاج إلى إفراز نخبة قويه ولديه رؤية وبصيرة سياسيه نافذه وقادره على التعامل مع هذه التحولات بما يحقق المصلحة الفلسطينية.والأهم أهمية المشاركة السياسية الواسعة فيها بما يتيح تداول في السلطة وتداول في الأجيال السياسية التي حرمت من الانتخابات والمشاركة .

وستكون هذه الانتخابات رسالة قوية عالميا على مستوى المشاركة وعلى مستوى القبول بنتائجها.

وستشكل مرحلة مهمة في حال نجاحها في النضال السياسى الفلسطينى ، فالإنتخابات من اهم المقاربات السياسية في تحقيق الأهداف السياسية الفلسطينية وليس مجرد الوصول للسلطة ، فالأهم إدارة السلطة التي ستفرزها هذه الانتخابات.

دكتور ناجى صادق شراب
[email protected]

 

اخر الأخبار