العقل السلبي أثناء العدوان من لماذا الى ماذا؟

تابعنا على:   11:39 2023-07-05

بكر أبوبكر

أمد/ أحد الأخوة من متفجري الحماسة، وهو من المتهورين دومًا في كلامهم وإطلاق العنان لعواطفهم على حساب عقولهم، في كل آن وحين، بل وبالأخص حين الأزمات وفي خضم المعركة اتصل بي منفعلًا غاضبًا شاتمًا حول ما يحصل من عدوان على جنين قائلًا: لماذا ولماذا ولماذا؟ موزعًا طائفة من الاتهامات والشتائم والتقبيحات! وهو لا يفعل شيئا سوى تثبيط الهمم!
وكأن سيل الشتائم ونشر جو من السلبية ستحقق الحل!
لم اكن أريد تهدئته، كما كنت أفعل سابقًا، فهو لطالما كرر أقواله السلبية التثبيطية السوداوية هذه في أتون كل أزمة ومواجهة، فكان يجب أن يغير طريقة أو منهج تفكيره ويغيّر نفسه.
فكان ردي الذي أغضبه.
اللّماذات (جمع لماذا الاتهامية) كثيرة؟
ومنها لماذا يتعامل الفلسطيني-ذو العقل السلبي مع الاحداث تعامله مع المسلسل التركي؟
يشاهد ويتسمر ويشتم من يحمله المسؤولية "العن أبوفلان وأم ابوعلان"!
"وياحرام" شو بصير بالفلسطينية وكأنه ليس منهم؟!…
أنه لا يفعل شيئا؟!
بل يفرغ عقده النفسية بغيره، وينفس عن غضبه او انسحاقه امام زوجه او مديره بالشغل؟
هو يعلن تحرره الكلي من القيام بأي فعل لدعم شعبه، لأن الآخرين وليس هو، المسؤولون فقط دون أن يفترض أدنى دور له.
قلت له: لماذا ينظر الفلسطيني السلبي المتعالي أحيانًا لابناء جلدته نظرة صِغار؟ ونظرة دونية؟
ولماذا يحتقر الشخص الفلسطيني السلبي الأبدي السلطة الفلسطينية أحسنت أم أساءت، ويقدس "الحزبية الإسلاموية" حتى لو غاصت بالدنس!
ولماذا يشتم صاحب العقل السلبي الاتكالي الشكاك أبومازن بثقة محمد الفاتح؟
ولايجرؤ ان يرفع عينه في وجه شرطي عربي؟
إن مثل هذا الشخص-والنماذج كثيرة-لا يفكر في قرارة نفسه في انتقاد كلب الزعيم العربي حتى لو حمل جنسية البلد؟
بمعنى أن العقل العربي أو الفلسطيني السلبي الشتام اللوام الباحث أبدًا عن البقع السوداء، الشكاء البكاء بدل ان ينشغل باللماذا الاتهامية؟ دون أدنى حل يفترض نفسه ضمنه، لأن المطلوب فقط من غيره. عليه أن ينشغل ب(ماذا) أولًا أي ماذا عليّ أن أفعل.
قلت له: قد لا اختلف معك في عدد من القضايا. لكن لنفترض جدلًا تقصير القيادة السياسية- ودوما هي مقصرة- ألا يمكن للفلسطيني السلبي الشكاء أن يبتلع سلبيته في حالة العدوان والمواجهة (كما يحصل دوما في غزة ونابلس وحاليا جنين) وينظر الى ماذا عليه أن يفعل؟ اي أن يكون أحد مفاتيح الحل، ونور في ظلمة الوضع، وليس داعية لطم وشتم يبرئ نفسه هو عبر ازاحة الثقل عن رقبته بشتم الغير. هذه النقطة الهامة التي تختلف عن ضرورة النقد بالطبع والحوار بعد المواجهة.

أكدت له: بدلًا من تكرار ال(لماذات، جمع لماذا) عليه أولا ان ينشغل حين الأزمة أو المواجهة بدعم شعبه، أي ب(ماذا أفعل)، وبماذا يمكنني أن اقدم أنا (هو) لشعبي؟
كيف أدعم صمود شعبي؟ حتى لو قصر الآخرون او قصّرت القيادة.
كيف أحترم نفسي، وشعبي، وكيف أشذّب اخلاقي حين أشاهد الش..هد..اء يتساقطون يوميًا، فامسح دمعة، وأدعولله، وأصرخ وأكتب الإيجابي، وأعمل ما يمكنني دعمًا لأبناء شعبي دون تأنيب أو شتم لأي منهم.
دعني أقدر ظرفهم وأهل كل مكة أدرى بشعابها.
وأنا الأولى بتأنيب ذاتي ونقد ذاتي لأنني المقصّر حين أحرم شعبنا من الدعاء.
وأنا المقصر حين أحرمه من حُسن تقديمه للعالم بصورته العظيمة الرائعة المشرقة كشعب بطل وشعب حر وشعب صامد بكليته.
وأنا المقصر والخاطيء حين أتلذذ بشتم المسؤول س او ص (وقت ذروة العدوان أو المواجهة أو الأزمة) وأنا لا أكف هبشًا بالمنسف ولحم الخروف وابتلع البطيخ بالجبنة أثناء مشاهدة المسلسل التركي؟
حين المعركة مع الاحتلال كل الأصوات فقط تتكرس لدعم الشعب والوطن بلا أي تصنيف.
ان لم يتوقف العقل الناقد المشكك دومًا، والعقل السلبي العاجز، والعقل الذي لايرى بصيص أمل حتى يعلن انطافئه، وهو العقل الذي لا يتقن الا اتهام الآخرين إن لم يتوقف عما سبق ليعود للنظر في ذاته، ودوره وواجبه هو ، وواجبه هو نحو ربّه واسرته ووطنه فالعقل والمنهج وطريقة النظر قد أفلست.
حين هدوء الأجواء وما قبل أو بعد المعركة أوذروة العدوان من العدو الخارجي، أو المواجهة نعم لنا أن ننتقد بل يجب أن ننتقد ما نعتقد أنه يمثل الخطا أو التقصير وندافع عن حقنا بالحوار والنقد البناء محتفظين بأناقة أدب الحوار والاختلاف، وداعين للتغيير أو للوحدوية والتكامل الوطني.
قلت له -وهو مازال يستمع حانقًا يتفلت للصراخ محاولًا المقاطعة-: فترة المواجهة أو ذروة المعركة تختلف القيم والأخلاقيات. دعك (ودعكم) من لماذا كذا ولماذا لم يفعل فلان كذا. وانخرطوا في الذود عن شعبكم ودعمه وكونوا جامعين مقربين لا مفرقين تلتقطون فتات الخلافات فتنفخون بها لتصبح كالبالون.
في وقت المواجهة وفي ذروة العدوان الخارجي لا نحتاج الأفواه الصارخة بالبذاءة والاتهام وكأن الله يكفيهم شر القتال! أي شر (تقديمهم أي دعم مالي او معنوي او بحسن الكلمة على الأقل).
وقت المواجهة وفي ذروة العدوان الصهيوني نحتاج للأيدي العاملة في الميدان، ونحتاج لمن يعرف دوره وواجبه هو وهم، ويقدم ولو القليل للدعم مهما كان صغيرًا، ومنه على شاشات الحواسيب والخلويات، وبالكلمة الحافزة المشرقة لنعلن أننا مع شعبنا بعقل وحدوي وفكر جامع

اخر الأخبار