مسيرة الأعلام الصهيونية بين التاريخ والتحدي

تابعنا على:   08:25 2023-05-18

د . أيمن ابراهيم الرقب

أمد/ منذ ان سقط الجزء المتبقي من فلسطين عام 1967 م ، أخذ الصراع مع الاحتلال الصهيوني شكل جديد ، وسقطت مع هذا السقوط كل الاحلام ، وتغير تدريجيا لغة ومطالب الثوار الفلسطينيون ، فلم يعد العرب يطالبون بتنفيذ قرار التقسيم 181 الذي يعطي العرب دولة على حدود 44% من ارض فلسطين التاريخية ، و أصبح الموقف العربي الفلسطيني يكتفي بالمطالبة بقيام دولة مزوعة السلاح والدسم على حدود الرابع من حزيران عام 1967، والأدهى من ذلك وافقوا على تبادل اراضي حسب الاحتياجات الأمنية الصهيونية ، تراجعت المطالب والحقوق حتى الحد الأدنى ، ولم تلقى هذه التنازلات سوى صم للآذان من قبل المستعمرين ، على أمل أن ينهي الزمن أي حلم أو حقوق فلسطينية طالما سلم النزول أصبح واضحا وسريعا ، ولكن الاحتلال نسى أن خطوط التنازل مهما كانت لها حدود لان بعدها الموت والفناء ، وان أجيال قادمة ستغير المعادلة ، فالتاريخ و مؤثراته ليست ثابته .

الاحتلال استغل عام 1968 حالت الصدمة العربية وقام بضم القدس الشرقية للقدس الغربية وأصبح اليهود يقيمون صلواتهم التلموذية في ساحة البراق ، وفي 31 يوليو من عام 1980م أصدرت الكنيست قرار بإعتبار القدس عامة كيانهم .
احتفل اليهود باحتلال القدس و نظموا ما يطلع عليه اليوم ( مسيرة الأعلام) بدأت ببضع عشرات من المشاركين عام 1968، لتصل الى عشرات الآلاف في السنوات اللاحقة، وتستغل هذه المسيرة بعض الأحزاب اليهودية لتحقيق مكاسب سياسية .
ظلت مسيرة الأعلام الصهيونية تنظم كل عام بشكل طبيعي و يزيد عدد المشاركين فيها كل عام و زاد عدد المشاركين في العام الماضي عن ثلاثون ألف يهودي ، و تغيرت خطوط مساراتها أكثر من مرة حسب الظروف الأمنية التي تحددها شرطة الاحتلال و لكن يكون الهدف منها هو استفزاز سكان القدس و الفلسطينيون والعرب بشكل عام وبجانب اعلام كيانهم تهتف الشعارات المعادية للعرب وخاصة شعار الموت للعرب .
لكن هذه المسيرة في مايو من عام 2021 واجهت تحدي جديد ليس من القدس كما جرت العادة ولكن هذه غزة التي تبعد ما يزيد عن مائة كيلومتر عن القدس ، وانتصرت غزة للقدس و لسكان الشيخ جراح الذي كان الاحتلال يضغط لهدم منازلهم وتشريدهم من حيهم الذي عاشوا فيه عشرات السنين .
غزة أوقفت مسيرة الأعلام وأطلق صواريخها البدائية لتصل لمستوطنات وبلدات القدس الاسرائيلية ، وخاضت حرب ضروس دفعت ثمنها مئات الشهداء والذين كان ثلهم من الأطفال والنساء ، ولكن أصبح بعد هذا التاريخ مسيرة الأعلام الصهيونية حدث تحدي بين الفلسطينيين والمحتلين .
صحيح أن المقاومة فرضت في عام 2021م تفريق المظاهرة ولكن اليهود أعادوا تنظيمها في الخامس عشر من حزيران من نفس العام ، في العام الماضي وأمام تهديدات المقاومة تم تحديد عدد المشاركين في هذه المسيرة إلى ستة عشر ألف وحدد لهم خط مسير انتهى بإقتحام المسجد الأقصى والوصول لحائط البراق ، واكتفت المقاومة ببعض المظاهرات الحدودية و التهديد بالبيانات .
وفي هذا العام بدأ التجهيز لتجمعات فلسطينية على حدود قطاع غزة مع إصدار معظم الفصائل بيانات تهديد للاحتلال .
تجربة عام 2021 اتوقع بعيدة هذه المرة ولكنها ليست مستحيلة ، خاصة أن عدد المشاركين في مسيرة الأعلام اليوم من المتوقع أن تزيد عن مائة ألف يهودي صهيوني ، و يبقى الرهان على المقدسيين خط المواجهة الأول وذلك بتنغيص على هؤلاء القطعان احتفالهم .. مسيرتهم و اصرارهم عليها يؤكد أنهم يشعرون بنقص شريعة رغم احتلالهم لفلسطين أكثر من خمسة وسبعون عاما ، ويدركون لو اعترف العالم بهم ولم نعترف نحن فشرعيتهم منقوصه ، وهذا سر الصراع وسر قوتنا .

اخر الأخبار