إسرائيل والسير نحو اليمين وسيف السلام العربى

تابعنا على:   20:13 2023-01-01

د .ناجى صادق شراب

أمد/ اليمين القائم في إسرائيل ليس بجديد ، فالصهيونية في صلب أيدولوجيتها تقوم على الفكر اليميني العنصرى والكراهية لما كل هو عربى وفلسطينى، ولا تعترف ألا بدولة واحده في فلسطين دولة اليهود لكل الشعب اليهودى، وتنظر للفلسطينيين في فلسطين على أنهم أقوام غزت ووفدت لفلسطين وهذا ما صرح به أخيرا نتانياهو والذى أعتبر أن فلسطين كلها ملك للشعب اليهودى. ويعود حكم الليكود الذى يشكل قلب ووعاء كل الأحزاب اليمينية دينية وصهيونية إلى عام 1977 عندما نجح في إقصاء حكم حزب العمل الذى أسس إسرائيل الدولة ، ومنذ ذلك التاريخ إلى اليوم حكم اليمين 38 عاما وحكم اليسار ثمانية أعوام فقط ، ولهذا دلالات سياسية عميقة في المدى القريب والبعيد في توجهات إسرائيل السياسية، ومما يعمق من هذا الإتجاه ان حزب ميرتس لم ينجح في الانتخابات ألأخيرة وحافظ حزب العمل على ثلاثة مقاعد، وتراجع للأحزاب العربية ولقوى اليسار بشكل عام. السمة الغالبة على إسرائيل اليوم وكما أفرزتها الإنتخابات الخامسة الأخيرة فوز اليمين واليمين المتشدد العنصرى الذى مثلته الصهيوينة الدينية التي شكلت الكتلة البرلمانية الثالثة بقيادة كل من بن غفير وسموتريتش وسجلهما من الإرهاب والعنصرية والكراهية مثبت بالوقائع وألأدلة ، والسؤال لماذا فازا في هذه الانتخابات؟

، والإجابة ببساطة لتحولات القاعدة المنتخبة في إسرائيل نحو اليمين ، ولعل التزايد الإستيطانى في الأراضى الفلسطينية وبناء المستوطنات يوضح لنا مستقبلا تنامى قوة المستوطنيين وتزايد عدد هم.والدلالة السياسية المهمة التي ينبغي أن نقف عندها اليوم أن غالبية هؤلاء المستوطنون ولدوا في مستوطنات كما سموتريتش الذى ولد في مستوطنة في الجولان وتربى ونشا في مستوكنة كوديم وبنا بيتا في بؤرة إستيطانية وإن بات هذا المصطلح اليوم غير قائم مع هذه الحكومة ،فكل المستوطنات باتت شرعية لهم ،هذه الدلالة ان هؤلاء المستوطنون يعتبرون الأرض او المستوطنة التي ولدوا فيها هى أرضهم بحكم المولد وليس فقط بحكم الأيدولوجية .وهذا ما يحمله من تداعيات سياسية خطيرة مسقبلية، فكيف لنا أن نتصور تخلى هؤلاء عن هذه المستوطنات التى يعتبرونها أرضا لهم ولم يروا غيرها. لقد كشفت ألإتخابات الخاممسة هذه البنية الإستيطانية للمجتمع الإسرائيلي ، ولعل النافذة الضيقة الى قد تبعث على التفاؤل سياسيا بالنسبة لإسرائيل فوز حزب لبيد عتيد المستقبل بالكتلة الثانية بعد الليكود ويبقى السؤال قائما هل ينجح في الحفاظ على قوته والعودة للحكم ؟ يبقى هذا الإحتمال قائما ، وفى الوقت ذاته النافذة الأخرى إعادة بناء الصوت العربى وتوحده بما يناسب صوته في اى انتخابات قادمة. هذان أحتمالان قائمان. لكن الواقع في إسرائيل يشير للتوجه بقوة كبيرة نحو اليمين والدينية المتشددة.

ومما يزيد من إحتمالات قوة هذه التوجه ان هذه الحكومة قد تحكم لأربعة سنوات كاملة ، وتضع حدا لظاهرة الانتخابات المبكرة ، وأربعة سنوات كفيلة بتعميق قوة اليمين وتياراته وبتعميق الخارطة الإستيطانية وتثبيتها وتحول كل المستوطنات أو البؤر الإستيطانية لكتلة إستيطانية واحده تشكل دولة في داخل دوله.وهذه الحكومة ليس كما يعتقد فهى تعمل في ظل قوة نيابية في الكنيست 63 صوتا تضمن لها البقاء ، وفى سياق مجتمعى تتنامى فيه قوة اليمين والمستوطنيين وإنقسام للصوت العربى في الداخل، وفلسطينيا في ظل إنقسام سياسى وعربيا في ظل توجهات للسلام والتطبيع. وتحظى بدعم اليمين والشعبوية المتنامية في أوروبا وامريكا. وما زالت تلقى بالدعم والثابت من السياسة ألأمريكية.

ومما قد يدعم موقفها تنامى الخطر الإيراني وتزايد فرص إيران النووية ، وتقديم نفسها انها المنقذ للمنطقة من هذه القوة.وفى الوقت ذاته لا شك تحمل هذه الحكومة مخاطر كثيرة على إسرائيل نفسها وعلى مستقبل الديموقراطية وعلى تزايد فرص العنف الداخلى وتسارع مشكلة التكامل لعرب الداخل ومشاكل الهوية لإسرائيل، وعلى مستقبل العلاقات مع الولايات المتحده مستقبل السلام العربى.

ويبقى ان مستقبل هذه الحكومة يتوقف على الموقف الفلسطينى نفسه لسبب بسيط انه الوحيد المستهدف من هذه الحكومة التى تعلن بوضوح وصراحة لنيتها لضم الأراضى الفلسطينية ورفض أي شكل للدولة الفلسطينية وتفعيل المتغير الفلسطيني ورفضه لهذه السياسات ومواجتها بقوة المقاومة بكل أشكالها بوتفعيل الخيار الدولى والعربى،هنا ستكون كل المنطقة أمام خيار إنهيار السلطة والدخول في حالة من الفوضى الشاملة وتزايد إحتمال خيار الحرب من جديد والتى ستكون لها تداعيات داخلية وإقليمية ودولية كبيرة مما قد يستدعى التدخل وسقوط هذه الحكومة هذا مجرد إحتمال قائم. لكن من شأن العنف والقوة العسكرية ان تزيد من فرص اليمين وقوته.

ولا يبقى إلا التدخل الدولى والعربى الفاعل للعمل على الوصول لتسوية سياسية أساسها الدولة والحفاظ على السلطة. فمع هذه الحكومة ستزداد قوة العقدة الغوردينية بتشابك عقدها والحل النهائي بإستصال العقدة ألأساس وهى عقدة الاحتلال وقيام الدولة ،وهذا هو التحدى الأكبر الذى يواجه مستقبل ليس فقط إسرائيل بل مستقبل المنطقة ,. فهل يتحول السلام العربى لسيف الأسكندر؟

كلمات دلالية

اخر الأخبار