الجزء الخامس عشر

فلسطين.. الصامدة في وجه الغزوات مهد الديانات السماوية وملتقى الحضارات

تابعنا على:   12:08 2022-12-20

د. نجيب القدومي

أمد/ قصص النكبة كثيرة ومتنوعة، نجد كثيرا منها شهادات حية لمن عاصرها، شهادات الناجين من النكبة الذين نزحوا عن ديارهم وشهدوا مذبحة دير ياسين التي حدثت في التاسع من نيسان عام 1948، وتقرأ شهادة (أبو محمد) أبن السبعين عاما والذي يسكن حاليا في البلدة القديمة من القدس الشريف ويقول: " حين هاجمت عصابات الصهاينة قرية دير ياسين، فبعد سقوط القسطل وقبل ايام من استشهاد القائد عبد القادر الحسيني أصبحت دير ياسين أهم نقطة على طريق القدس، وقد كنت في القرية حينما هاجمها اليهود مع زملائي في غرب القرية، وكنا نحمل بنادقنا وعلى أهبة الاستعداد خاصة شباب القرية لكل ما يحدث، قمنا بحراسة القرية حتى الساعة الثانية والنصف حينما بدأ الجنود بدخول القرية واقتحام المنازل بحثا عن المقاتلين وبدأوا بقتل النساء والاطفال دون تمييز، وقد اخذوا الجنود أربعين اسيرا واقتادوهم الى مقلع الحجارة حيث اردوهم قتلى بدم بارد.

كما نجد آثار النكبة واضحة "جلية" في رواية كنفاني "رجال في الشمس" التي كتبها عام 1963 والتي كانت العمل الأول الذي يُكتب عن التشرد والموت.

 

يروي كنفاني حكاية ثلاثة فلسطينيين من أجيال مختلفة:

ابو قيس الرجل العجوز الذي يحلم ببناء غرفة في مكان خارج المخيم، وأسعد الشاب الذي يحلم بدنانير الكويت وحياة جديدة، ومروان الصغير الذي يحاول أن يتغلب على مأساته المعيشية ويعيل عائلة لا معيل لها سواه.

 

تمثل رواية كنفاني الصوت الفلسطيني الذي ضاع طويلا في خيام التشرد والبعد.

نستنتج مما سبق ان النكبة كانت بالفعل نكبة تعرض لها الشعب الفلسطيني، ولكن لا نستمر منكوبين، علينا فلسطينيا ان نواجه أنفسنا وأن لا نعيد تعريفنا لنكبتنا بحدث جرى عام 1948 فهي ليست نكبة حدثت في سنة معينة إنما هي عملية بدأت منذ أكثر من قرن، ولا تزال حتى الآن مستمر، فالنكبة لا تتوقف عن حد وهي انعكاس لمطامع الصهيونية التي تريد كل شيء لما تمثله من نظام عنصري قام على تهجير الفلسطينيين، ولم تقف اطماع دولة الاحتلال عن احتلال الداخل الفلسطيني ببره وبحره وبمدنه وقراه ولم تكتف بما سيطرت عليه سنة 1948 وما سببته للشعب الفلسطيني من نكبات وويلات وتشرد بل ظلت تحاول بين الحين والآخر لتوسيع سيطرتها على الارض العربية عموما تنفيذا لشعارها : " أرضك يا اسرائيل من الفرات الى النيل" الى ان تحقق لها ذلك عام 1967 عندما قامت باحتلال الاجزاء المتبقية من فلسطين وتشريد عدد كبير من اهلها وعملت على ضم القدس وأصبحت فلسطين واجزاء من سوريا ولبنان ومصر تحت سيطرتها.

.. يتبع

اخر الأخبار