الدب الروسي يعيد صياغة العالم الجديد

تابعنا على:   15:39 2022-03-02

جلال نشوان

أمد/ قراءة شاملة وعميقة للعملية العسكرية الروسية على أوكرانيا ، سيلحظ قارئ المشهد أن الحرب في أوكرانيا وتداعياتها وأثارها على مختلف الأصعدة، لكن ما جرى حتى اليوم ، يؤكد أن هناك حقيقة واحدة ، أن الدب قد خطا بهذه الحرب خطوة سريعة نحو تكريس نفسه كقوة كبرى في عالم اليوم، مما سيؤدي حتماً الى صياغة علاقات دولية جديدة لم يعد فيها مكان لهيمنة قطب واحد او سيطرته بحيث يقوم نظام عالمي جديد أكثر عدلاً وأكثر توازناً…
وثاني الإستنتاجات السريعة هو أن تعامل الإدارة الأميركية وحلفائها الأطلسيين مع إستغاثة الرئيس الاوكراني( كرازاي أمريكا) تؤكد ان الولايات المتحدة الأمريكية إعتادت على التخلي عن حلفائها ، ولعل ما حدث مع الكثير من الكرازيات ( الشاهنشاه محمد رضا بهلوي ، وأشرف غني ، والقائمة تطول....الخ
وهنا يحضرنا في هذا المقام مشهد الأفغان الذين أمسكوا بالطائرة الأمريكية وهي تتحرك من مطار كابل ، تؤكد بشاعة الأمريكان وهم يلقون بهم على قارعة الطريق ، ما يعني أن الكابوي الأمريكي لا أخلاق له وما يهمه مصلحته فقط
وفي الحقيقة :
رغبة الدب الروسي بعودة الإتحاد السوفيتي ، هو قرار استراتيجي في عقل كل روسي، وليست نتيجة طموحات، أو أهداف شخصية للرئيس بوتين.
فالرجل قال بصريح العبارة( لقد أنجزنا تنظيم الإتحاد الروسي، ورسالتنا الرئيسة التالية أن نهتم بمحيطنا الجيوسياسي)
الدب الروسي يدرك جيداً ، بما لا يدع مجالاً للشك أن الأطلسيين لايخفون أطماعهم بتفكيك روسيا ، لينفرد الغرب بالعالم ليقهروا الشعوب وينهبوا خيراتها ، لذا الٱن يقيمون جسوراً جوية لمساندة أوكرانيا وضمها إلى حلف الناتو مستقبلاً ، وهذا ما ترفضه روسيا جملةً وتفصيلاً ، ومن هذا المنطلق لن تقبل روسيا للولايات المتحدة الأمريكية أن تنفرد بالعالم ، سيما وأنها دولة نووية عظمى
إنه صراع الكبار وتفرد أمريكا للعالم ولى وبلا رجعة ، وهنا نتساءل : ماذا عن العملاق الصيني ؟
دخول روسيا إلى أوكرانيا ، جعل الصين تهيئ نفسها ، لأخذ زمام المبادرة واستعادة تايوان ، ويبدو إن الوقت لم يحن بعد ، مع إنها تؤيد روسيا في عمليتها العسكرية لتحييد أوكرانيا وعدم إنضمامها إلى حلف الناتو
وغني عن التعريف :
أن الحرب في أوكرانيا هي مجرد بداية لحرب أوروبية شاملة وليس أمريكية في المرحلة الأولى. وسوف تتحول قبل نهاية هذا العام إلى حرب عالمية: الحرب العالمية الثالثة
أمريكا ستواجه الصين ، سيما أن الأخيرة إقتربت من التربع على عرش الإقتصاد العالمي ، وأن القوة الاقتصادية هي القوة الأهم في كل شيء، لذا تسعى أمريكا مواجهة العملاق الصيني ، بشتى الطرق.
سلاح العقوبات الذي ، بلغ ذروته ، ستدفع ثمنه أوروبا ، وارتفاع سعر برميل النفط إلى( 111 دولار ) سوف يزيد من معدلات التضخم وسوف يثقل كاهل المواطن الأوروبي ، لأن الغاز الروسي هو عصب الإقتصاد الألماني والأوروبي ، حيث يغطي الغاز الروسي 40,% من إحتياجات أوروبا
الأحداث المتسارعة التي يشهدها العالم توضح أن العالم مقبل على نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب وأن العملاق الصيني سيضم تايوان عاجلاً أم ٱجلاً ، وما إفصاح بايدن عن تنامي القوة الجوية الصينية والتسلح وبناء الأساطيل الحربية الا خير شاهد على ذلك ، وربما يكون ذلك بالتنسيق مع روسيا ، الأمر الذي يجعل قارئ المشهد أن وقوع حرب عالمية ثالثة مسألة وقت وربما للفت أنظار المجتمع الدولي عن الغزو العسكري الروسي في إوكرانيا
الصين وروسيا تربطهما مصالح مشتركة و تحالفان استراتيجيان وأضحى العالم على مفترق طرق ، وأن قانون الأقوياء هو الذي يسود العالم
كافة المعطيات تؤكد أن نظاماً عالمياً جديداً يلوح في الأفق ، وبقيادة متعددة الأطراف، وستنشأ اتفاقيات دولية جديدة، كما حصل بعد الحرب العالمية الثانية
إن الاتفاق على قيام (نظام عالمي جديد ) متعدد الأقطاب ، لإدارة العالم
المشهد في غاية التعقيد ويحتاج إلى مزيداً من القراءة و التحليل العميق في ضوء تطورات الميدان وان بنية العلاقات الدولية ستتغير ، خاصة الدول المناهضة للكابوي الأمريكي ، كروسيا والصين ، و المخاض العسير لولادة النظام العالمي الجديد المتعدد الأقطاب ، ربما تطول لسنوات

كلمات دلالية

اخر الأخبار