عندما يسأل اليهودي: لماذا يكرهون اليهود!

تابعنا على:   09:07 2022-01-29

أمد/ كتب حسن عصفور/ منذ وصول بايدن الى الرئاسة ألأمريكية، ومعه وزير الخارجية بلينكن، بدأ الحديث بكثافة على ما يسمى "معاداة السامية"، والتي تعني لهم وللبعض في الدول الغربية، الموقف من إسرائيل والحركة الصهيونية فقط، لا تشمل العرب وبالتأكيد ليس الفلسطيني رغم انهم أصلها.

مع ذكرى الأحداث الألمانية ضد اليهود، ما يسمى بـ "المحرقة"، فتحت الدعاية الإسرائيلية، ومعها بعض الأمريكية الأوروبية بابا واسعا للإشارة الى مسألة "معاداة السامية" والموقف من اليهود.

ولعل الأمر اللافت كان استضافة برلمان ألمانيا إمرأة يهودية ناجية (الدولة الأكثر اتهاما بقتل يهود في زمن هتلر)، ومنحها المجال لتقديم صورة للأحداث كما رأتها، وقد يبدو ذلك طبيعيا وفقا لما عاشته في زمن الفاشي، ولكن استذكار ذلك الزمن، بما حدث تم ربطه من قبلها، بسؤال، بات يستوجب نقاشا بعيدا عن "البعد الطائفي": لماذا يكرهون اليهود"؟!

قبل فترة، فتحت وسائل إعلام دولة الكيان نيرانها ضد بولندا فيما يتعلق بأملاك اليهود خلال فترة الثلاثينات، واعتبرتها قضية مركزية يجب العمل بكل السبل لاستردادها، وبالطبع كما العادة، لجأت الى "الراعي الرسمي" لها أمريكا، وطالبت الإدارة بذلك، دون أن تجد صدى في وارسو، كون الحديث عن مواطنين بولنديين، وليس مواطني دولة أخرى (متجاهلة كلية أي أملاك للفلسطيني منذ عام 1948 واعتبرتها حق يهودي).

من هنا، تبدأ الحكاية، أن "اليهود" بغالبهم في أي بلد يعتبرون ذاتهم، "مواطنون وليسوا مواطنين في آن"، وأنهم خارج التعريف السائد لكلمة المواطن، كونه "يهودي" وهو امتداد لعقلية "الغيتو" الانعزالي، أي أنهم من بدأ ترسيم "جدر العيش غير المشترك"، بأنهم مواطنون مختلفون عن الغير، يسمون الآخرين "غوييم" بلغتهم.

وبعيدا عن ثقافة "العزلة والتفوق" التي يحاولون حيث هم زرعها، ما يؤدي الى حركة نفور مجتمعي من أمثال "المواطن المنعزل"، فما يحدث في فلسطين، كاف لوحده ودون أي تجربة اجتماعية أو ثقافية أو سلوك سياسي، في دول أخرى، يكف لخلق مواقف إنسانية إجبارية، خاصة مع تطور وسائل الإعلام والتواصل، ولم يعد بالإمكان ارتكاب الجرائم فتمر مرورا كما حدث في سنوات سابقة.

قبل أيام تم نشر صور لمقبرة الطنطورة بالقرب من شاطئ حيفا، تضم رفات عشرات من الفلسطينيين الذين ذهبوا ضحية جرائم جيش دولة الكيان بعد حرب 1948، انتشرت الصورة والتقرير بكل اللغات المعروفة، ومعها تم فتح مسلسل جرائم الحرب التي نفذتها دولة الاحتلال.

خلال حرب مايو على قطاع غزة، قامت وسائل الإعلام الأمريكي، ربما للمرة الأولى، بنشر مسار الحرب بعين ونصف العين، أي لم تكن منحازة بالمطلق للرواية الإسرائيلية، كما كان سابقا، ولعل التقرير الذي أحدث "عاصفة إنسانية"، صور الـ 69 طفل غزي قتلوا جراء القصف الإسرائيلي في الحرب التدميرية المستهدفة أبنية بكاملها، على الصفحة الأولى لأحد أهم صحف أمريكا (نيويورك تايمز)، ثم أعادت نشره صحف عبرية، وتناقلته وكالات إخبارية عالمية، كوثيقة اثبات نادرة من الإعلام الغربي بقيام دولة الكيان بارتكاب جرائم حرب ضد الطفولة.

وخلال الفترات الأخيرة، بدأت وسائل الإعلام بنشر ممارسات جيش الاحتلال، وعمليات القتل والجرائم، التي تحدث بشكل يومي، ولكن الحدث الأهم في السنة الأخيرة، قيام وسائل إعلام أجنبية بالحديث عن ممارسات عنصرية وتطهير عرقي، خاصة في القدس وتحديدا بحي الشيخ جراح وحي سلوان، وكيف نجحت أسر محدودة العدد، من فضح المستور العنصري، والذي كان معروفا لكل فلسطيني وغالبية العرب، وسبق للأمم المتحدة وصف الحركة التي تقود دولة الكيان، الصهيونية حركة عنصرية، قبل التراجع تحت ضغط الأمريكان ودول أوربية، بدأت تدرك أن تلك حقيقة وليس ادعاء.

ولعل عمليات هدم البيوت المصورة والمنقولة تكفي وحدها لتشكيل حركة كراهية لكل من يقوم بتلك الجرائم غير الإنسانية.

سجل ممارسات دولة الكيان الإجرامي لم يعد كلاما وادعاء كما كانت تحاول ترويجه، بل جزء من الواقع وحقيقة ترى وتقرأ، خاصة مع عودة المحكمة الجنائية لفتح ملف جرائم الحرب التي ارتكبتها ضد الفلسطينيين، رغم حذف تقرير غولدستون، الذي كان الأهم دوليا لكشف جرائم حرب إسرائيل بعد عدوان 2008 ضد غزة.

ومع فتح ملف تلك الجرائم والحديث عن عنصرية إسرائيل وممارسات التطهير العرقي في الضفة والقدس وقطاع غزة، الى جانب قانون "القومية" الذي يتجاهل حقوق 23% من سكانها من الفلسطينيين العرب، ثوابت واضحة للعالم، دون أي تضخيم أو نفخ أو تهويل.

والى جانب افتضاح ممارسات إسرائيل بصفتها "اليهودية" عنصرية وتطهير عرقي، موقفها الرافض لكل محاولات عقد اتفاقات سلام مع الفلسطينيين، بل أنهم اغتالوا علنا اسحق رابين عام 1995، أول رئيس وزراء ذهب للاتفاق مع منظمة التحرير لعقد "السلام الممكن"، لأنهم لا يبحثون "سلاما سياسيا" بل سيطرة سياسة ووصاية على 6 مليون فلسطيني، بعد أن مارست كل تضليل متاح منذ رفض القيادة الفلسطينية عام 1947 قرار التقسيم، لذا سقطت بسرعة برقية في أول اختبار حقيقي لصناعة سلام.

وبالتأكيد، تصريحات قادة الكيان، منذ ما بعد رابين وحتى بينت الأخيرة، برفض المفاوضات وقيام دولة فلسطينية الى جانب إسرائيل، كافية تماما لتظهر أنها "دولة خارج النص الإنساني"، وهي من يجلب كل أشكال الكراهية ليس لسكانها "اليهود"، بل لكل يهودي متعاطف معها.

بالتأكيد هناك يهود هم يمكن صناعة سلام معهم ولكنهم للأسف بلا أي تأثير يذكر، ولو برزوا إما يتغالون أو يشوهون...وليتهم يسألون: لماذا تكره "دولة اليهود" الأمريكي بيرني ساندرز، وهو يهودي بلا أي "خدش جيني"، فقط لأنه ضد جرائم حربها وعدوانيتها وعنصريتها المتنامية بسرعة شديدة.

ولن نعيد التذكير بكل يهودي في إسرائيل ضد سياستها العدوانية، ورمزهم الراهن عوفر كسيف، دكتور في الفلسفة السياسية، لكنه ليس مؤيدا للعدوان والعنصرية والتطهير العرقي، ومع دولة فلسطينية الى جانب دولة إسرائيل.

بالمناسبة علاقات التطبيع الرسمية مع دولة الكيان لا تعني أبدا تغيير عمق الكراهية لدولة جرائم الحرب والعنصرية والتطهير العرقي، المعروفة في الأمم المتحدة بـ "إسرائيل".

ربما السؤال الحقيقي، لماذا يكره غالبية اليهود من هم ليسوا يهودا؟!

ملاحظة: كلام بينيت عن الدولة الفلسطينية هو الموقف الرسمي العام لدولة الكيان..أي كان الحزب الحاكم..فمن ينتظر "دبس سياسي" من قفى حكام الإرهاب السياسي بيكون غبي بالحد الأدنى أو تابع بالحد الممكن..الرد مش بيان ولا نقة..الرد: افتح درجك يا عباس!

تنويه خاص: ما حدث في غزة بفقدان طفل حياته بسبب الفقر والبرد ومولود غير معلوم الأبوين وجد ميتا في مشفى..تكشفان بعدا كارثيا للحياة الإنسانية...دوما الحاكم مسؤول حتى لو لم يكن قاتل بيده لكنه قاتل بسياسته!

اخر الأخبار