سابقة تاريخية عربية

كيف استقبلت الأوساط التونسية تكليف أول إمرأة لرئاسة الحكومة الجديدة؟!

تابعنا على:   18:00 2021-09-29

أمد/ تونس: في سابقة بالتاريخ التونسي، كلف الرئيس التونسي قيس سعيد، يوم الأربعاء، أول إمرأة في تاريخ البلاد وهي "نجلاء بودن"، بتشكيل حكومة في أقرب وقت، وذلك بعد مرور أكثر من شهرين على إقالة رئيس الوزراء السابق هشام المشيشي ضمن جملة من التدابير الاستثنائية.

وفي هذا الصدد، عقبت قوى وشخصيات سياسية تونسية على تعيين بودن كأول إمرأة في تاريخ تونس على رأس الحكومة الجديدة، ويأتي تعيينها في ظل توتر سياسي حاد تشهده البلاد.

التيار الشعبي

أكد الأمين العام للتيار الشعبي محمد زهير حمدي "أن تعيين أول إمرأة تونسية على رأس الحكومة، خطوة مهمة على درب تحقيق مطالب الشعب في 25 يوليو الماضي"، معتبراً أن هذا القرار يُعد "ضربة أخرى تلقتها منظومة الأخونة والفساد والإرهاب والعمالة"، وفق تعبيره.

الاتحاد الوطني للمرأة التونسية

قالت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية راضية الجربي، الأربعاء، في تعليقها على تكليف رئيس الجمهورية قيس سعيد، نجلاء بودن بتشكيل الحكومة القادمة، إن المرأة التونسية تستحق هذا المنصب مؤكدة أن تونس استرجعت بريقها العربي إثر هذا التعيين. 

واعتبرت الجربي في تصريح أن تعيين نجلاء بودن كأول إمرأة على رأس الحكومة التونسية، تتويج لنضالات التونسيات على مدى عقود من أجل المواطنة الكاملة والمساواة والوصول إلى مواقع القرار والمشاركة في إدارة الشأن العام. 

وافادت راضية الجربي بأن رئيس الدولة قيس سعيد كرس بهذا التعيين ما طمأن به الاتحاد الوطني للمرأة التونسية في مستوى احترامه لحقوق النساء.

وعبرت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية عن أملها في تجسيد رئيسة الحكومة المكلفة نجلاء بودن لمبدأ التناصف وضمانها لوصول النساء إلى مراكز القرار في مختلف الوظائف العليا في الدولة التونسية.

رئيس الائتلاف الوطني التونسي - ناجي جلول

اعتبر الوزير السابق ورئيس الائتلاف الوطني التونسي ناجي جلول، أن تكليف امرأة بتشكيل الحكومة "اختيار جيد"، لافتاً إلى أن "نجاحها في إدارة المرحلة المقبلة هو نجاح لتونس وشعبها"، وفق تصريح للإعلام المحلي.

من جهتها، اعتبرت النائب بالبرلمان المجمد سهير العسكري، أن تعيين نجلاء بودن "خطوة إيجابية"، فيما أكدت مستشارة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، سعيدة قراش، أن "هذا التعيين انتصار آخر على الذكورية والعقليات الرجعية بالبلاد"، في إشارة إلى حركة النهضة وحلفائها.

كتلة تحيا تونس

اعتبر القيادي بحزب "تحيا تونس" وليد جلاد في تصريح لموزاييك، يوم الأربعاء 29 سبتمبر 2021، أن تكليف امرأة بتشكيل حكومة أمر مهم ولكن الأهم أن يكون لديها برنامج اقتصادي واجتماعي لإنقاذ تونس من الأزمة، مشيرا إلى أن استناد رئيس الجمهورية قيس سعيد على الأمر عدد 117 في تعيينها يطرح إشكالا.

وقال "من المهم تكليف امرأة لرئاسة الحكومة وهي باحثة جيولوجية وتم تكريمها سابقا من قبل رئيس الجمهورية الراحل الباجي قائد السبسي.. مهم جدا نظرا لكونها أستاذة جامعية وعالمة في الجيولوجية، وكذلك بالنظر لرمزية اختيار امرأة لرئاسة الحكومة، ولكن الأهم هو أن يكون لديها برنامج متكامل اقتصادي واجتماعي لإنقاذ البلاد  وأن يكون لديها رؤية للخروج من الأزمة الاقتصادية والمالية".

وأضاف "وأريد أن أحييها على شجاعتها لقبول هذا المنصب في ظرف اجتماعي واقتصادي دقيق جدا تمر بها تونس وفي ظروف استثنائية حتى على المستوى السياسي ويوجد حديث عن الشرعية من عدمها خاصة أن تعيينها كان بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 117 وهو ما يخلف مشكلا".

اتحاد الشغل العام

عبّر الأمين العام المساعد للاتحاد العام للشغل سمير الشفي، عن ارتياح المنظمة لتكليف نجلاء بودن بتشكيل حكومة جديدة، واصفاً التكليف بأنه "مؤشر إيجابي في حد ذاته".

وقال الشفي في تصريحات صحافية: "نسجل بارتياح تكليف رئيسة حكومة امرأة. في ذلك رسالة قوية جداً للمرأة التونسية في أن تتحمل مسؤولية على رأس الدولة".

وأضاف: "من المهم اليوم أن تتوفر في رئيسة الحكومة الكفاءة والقدرة على التجميع، وأن تكون لها رؤية وبرنامج اقتصادي واجتماعي للقضايا الشائكة.. على ضوء ذلك سنحدد موقفنا من هذا التكليف".

وعبّر الشفي عن أمل اتحاد الشغل في أن تكون رئيسة الحكومة المكلفة "شخصية لها القدرة على صياغة تشاركية لبرنامج إنقاذ لهذه المرحلة الصعبة، وعلى تنفيذ الاتفاقات المبرمة".

حزب قلب تونس

أكدت النائبة عن حزب "قلب تونس" سهير العسكري أن "هذا الاختيار يدل على إيمان رئيس الجمهورية بدور المرأة واعترافه بدورها وقدرتها على إخراج البلاد من الأزمة التي تمر بها"، مشيرة في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن قبول بودن بمهمة تشكيل الحكومة يحسب لها، وخاصة أن الكواليس تفيد برفض عدة شخصيات قبول منصب رئاسة الحكومة في هذا الظرف الاستثنائي الذي تمر به البلاد دون برلمان، ومؤسسات في غالبها معطلة.

وأكدت العسكري أن هناك عدة تحديات مطروحة أمام بودن تتعلق بمدى قدرتها على حل الإشكاليات المالية، وخاصة أن تونس تشهد أزمة مالية خانقة وغير مسبوقة، مشيرة إلى أن "هذه الحكومة إن لم تتم المصادقة عليها من قبل البرلمان فستبقى فاقدة للشرعية ولا يمكن الاعتراف بها، وهو ما قد يعيدنا إلى التجاذبات السياسية".

وأوضحت العسكري أن هناك العديد من المسائل غير واضحة ولا تزال غامضة، متسائلة "كيف ستكون هذه الحكومة، هل هي حكومة الرئيس؟ هل نحن أمام رئيسة حكومة أو وزيرة أولى؟ هل ستشكل حكومة مصغرة أم لا؟"

حركة تونس إلى الأمام

قالت حركة تونس إلى الأمام في بيان لها عبر صفحتها الفيسبوك، "أقدم رئيس الجمهورية قيس سعيد في خطوة تاريخية، على تعيين امرأة وتكليفها بتشكيل حكومة تنتهي مهامها بانتهاء المرحلة الاستثنائية، وإذ تعتبر حركة تونس إلى الأمام الانطلاق الفعلي في ضبط تركيبة حكومة تضطلع بمهام الشّروع في تنفيذ برنامج وطني يستجيب لمطالب ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي وينقذ البلاد مما تردّت فيه من دمار" 

وثمنت تعيين امرأة على رأس الحكومة، وتعتبر أنّ في ذلك دلالات عدّة منها:

أ‌- يتناغم وضرورة التّأسيس لمرحلة جديدة تقطع مع منظومة ما قبل 25 جويلية 2021 باعتبار التنمية الفعلية في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لن تكتمل إلاّ بثقافة جديدة من أجل مجتمع متطور من مقاييس تقدمه "مـــــدى تحــــرّر المـــرأة فيــــه".

ب‌- تُشير إلى أنّ تعيين امرأة على رأس الحكومة يُسقط كل حملات التّشكيك في مصير الحريات الفردية والعامة التي من أسسها حرية المرأة وكذلك في اَفاق التّعامل مع مجلة الأحوال الشّخصية. 

ت‌- يُؤكّد الاتّجاه نحو المساواة الفعلية بين الجنسيين ويقطع مع الرّؤى السلفية القائمة على الاستنقاص من المرأة ومن كفاءتها وقدرتها على تسيير شؤون البلاد وادارتها.

وجددت الحركة دعوتها إلى الاسراع بتقديم برنامج عملها فإنّها تُذكّر بموقفها الدّاعي إلى ضرورة التّسقيف الزّمني للإجراءات الانتقالية بأهميّة تشريك داعمي مسار التّصحيح في مناقشة برنامج الحكومة وفي التّنقيحات المزمع ادخالها على الدستور وعلى القانون الانتخابي قبل عرضها على الاستفتاء الشّعبي.
  

حركة النهضة

قال القيادي المستقيل من حركة النهضة، سمير ديلو، أن "تعيين رئيسة للحكومة (هي الجامعيّة نجلاء بودنّ) لأوّل مرّة في تاريخ تونس قرار يستوجب الإشادة، فهل هي لحظة تاريخيّة فعلا ..!؟للأسف تتزامن رمزيّة تعيين امرأة في هذا المنصب " الرّفيع " مع تعليق الدّستور وتفرّد رئيس الجمهوريّة بصلاحيّات .. فرعونيّة ..!"

وتابع: "ودون التّوقّف عند صلاحيّاتها الفعليّة في ظلّ ما تضمّنه الأمر 117 من أحكام قد تجعل منها واجهة تحمل أعباء فشل لا يتمنّاه تونسيّ يحبّ بلاده"

وأردف:" السّيّدة المكلّفة بتشكيل الحكومة، أمامك تحدّيات كبرى :ستترأسين حكومة بلد يعيش اقتصادها صعوبات كبيرة وماليتها العموميّة في وضع لا يخفى على أحد ، شارعها منقسم ، والوضع الصحًي – رغم التّحسّن الملحوظ – لا يزال هشّا."

وشدد "سيكون عليك أن تجيبي عن سؤال قد يطرحه نظراؤك في الحكومات الصّديقة والشّقيقة – أو مسؤولو المؤسّسات المانحة – حول أدائك وفريقك اليمين دون نيل الثّقة من مؤسّسة تشريعيّة منتخبة ..!؟ " .الإرتياح والفخر بأن تكون تونس سبّاقة دوما كلّما تعلّق الأمر بالتّمكين للمرأة وبتساوي الحظوظ يبقى مشوبا بمرارة أن يكون رئيسة حكومة بلد يعيش انقلابا على الشّرعيّة الدّستوريّة ..!استناد تعيينك للأمر 117 يجعل منه مخالفا للدّستور ( المجنيّ عليه ) ، و من حكومتك : حكومة غير شرعيّة"

وأكد أنه رغم كلّ ذلك "أرجو لك النّجاح في خدمة التّونسيّين."

ومن جهتها، علّقت النائبة عن حركة النهضة بالبرلمان المجمّد يمينة الزغلامي،  على قرار تعيين نجلاء بودن رئيسة للحكومة الجديدة.

وقالت في تدوينة على حسابها الرسمي "فيسبوك": "واضح ان الحكومة تركيبة وبرنامجا لابدّ ان تُعرض على البرلمان تطبيقا للدستور، غير ذلك فهو مخالف لاحكام الدستور والشرعية الدستورية...كنت أتمنّى ان يكون خيار امرأة على رأس الحكومة في اطار الشرعية مع احترامي للسيّدة نجلاء بودن".

من هي نجلاء بودن

نجلاء، من مواليد 1958 أصيلة ولاية القيروان، هي أستاذة تعليم عالٍ في المدرسة الوطنية للمهندسين مختصّة في علوم الجيولوجيا، وكانت تشرف على خطة لتنفيذ برامج البنك الدولي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، قبل تكليفها بمهمتها الجديدة.

إلى ذلك، عينت بودن رمضان مديرة عامة مكلفة بالجودة بوزارة التعليم العالي سنة 2011. وشغلت منصب رئيسة وحدة تصرف حسب الأهداف بالوزارة ذاتها، وكُلّفت بمهمة بديوان وزير التعليم العالي السابق شهاب بودن سنة 2015.

اخر الأخبار