الأسير مجد بربر يتنفّس الحريّة يوما واحدا فقط بعد عشرين عاما في المُعتقل

تابعنا على:   22:43 2021-03-31

منجد صالح

أمد/ هذا الخبر صحيح مئة بالمئة، مع مزيد الأسف والمقت. صحيح أن العديدين ربما سوف لن يُصدّقوا الخبر، أو على الأقل سوف يضعون مئة سؤال وسؤال عن ماهيّة وكيفية إطلاق الأسير مجد بربر لمدة يوم واحد فقط، بعد إنتهاء مدة محكوميّته في سجون وزنازين الإحتلال الإسرائيلي البغيض، بعد عشرين عاما بالتمام والكمال، و"يوم بينطح يوم"؟؟!!

مجد بربر إعتُقل ودخل المعتقل وعُمره خمسة وعشرين عاما، بدعوى مناهضته للإحتلال. وأفرج عنه يوم أمس الإثنين وعُمره خمسة وأربعين عاما.

مكث يوما "يتيما" "حُرّا طليقا" مع عائلته، زوجته وابنه وابنته، واليوم الثلاثاء إقتحمت قوّات كبيرة و"مجنونة" من جيش الإحتلال منزله في حي باب العامود في القدس المحتلّة واعتقلته مُجدّدا وسط إطلاقها قنابل الصوت على رؤوس من تواجدوا في البيت حينذاك.

هل هذه "فزّورة"؟؟ أم ضرب من الجنون؟؟ أم هي فصل من فصول كتاب دونكيشوت للكاتب الإسباني سرفانتس، إذ أن "بهلوانيّات" الجيش الإسرائيلي الغاصب الحاقد ومن ورائه سلطات دولته قد ضاهت أو "بزّت" بهلوانيات دونكيشوت، لكن بفارق واحد هو أنّ بهلوانيّات دونكيشوت كانت ظريفة و"بريئة"، بينما بهلوانيّات الجيش الإسرائيلي عنيفة حاقدة مُضرّة وخارج القانون.

ماذا يمكن أن تكون إكتشفت إسرائيل ب "شين بيتها" ومخابراتها و"جواسيسها"، من الخفايا والخبايا على الأسير "الذي لم يتحرّر"، إستدعى إقتحامها لبيته على عجل واعتقاله وحرمانه من لحظات سعادة "نادرة" مع عائلته، وحرمانه من هواء باب العامود في القدس الجريحة الأسيره، وحرمانه من زقزقة العصافير فجرا على نوافذ بيته.

زجّه في المعتقل ليتنفّس هواء نتنا داوم على استنشاقه لمدة عشرين عاما!!!

صورته مع زوجته الصابرة فاطمة وهي تضع على رأسها تاجا من الورد والفخر وتتمنطق بالزي الفلسطيني التقليدي البديع، وهو إلى جانبها كليث أثقله الحنين والحب لعائلته، من أروع ما نُشر، من أجمل ما حملته صفحات الجرائد والمجلات ومواقع التواصل الإجتماعي وصفحات الجرائد الإلكترونيّة.

هل أرادت إسرائيل بعلمائها في علم النفس والسيكولوجيا وجيشها الجرّار أن "تقتل" هذه اللحظات السعيدة التي حظي بها الأسير مجد مع زوجته فاطمة ومع ولديه؟؟؟!!!

يتساءل المرء كيف يستطيع هذا الفلسطيني وزوجته الكنعانيّة أن يمسحا في لقاء يوم واحد معاناة وآلام عشرين عاما له وراء القضبان، إنّها عظمة هذا الشعب المناضل المُكافح منذ مئة عام ويزيد، عظمة هذا الشعب الذي تصبر ماجدته عشرين عاما في إنتظار فارسها الهمام لتلتقي معه يوما أو بعض يوم، تأتي بعدها الغربان السود المدججة بالسلاح وتنتزعه من عرينه.

صورته الثانية مع زوجته وولديه زينة الحياة الدنيا بديعة رائعة يتفوّق فيها طولا رأس ولده عدة سنتيمترات عن رأس أبيه، لقد كان عمره بالكاد سنتين عندما إعتقل الأب أول مرّة قبل عشرين عاما، وخرج من المعتقل ليجد أمامه ابنه الغالي أطول منه، أيّ شعور يمكن أن يكون انتاب الأب وانتاب الابن عندما تعانقا؟؟

والصبية ابنته التي لم تكن قدّ وأتمّت الشهر من عمرها عندما تمّ إعتقاله تضع نفسها كحمامة تتدثّر في أحضان والدها لتتعرّف على حضن غاب عنها قسرا عشرين عاما، وعندما بدأت تشعر بدفئه وحنانة أتى جنود القمع وانتزعوه منها وانتزعوها منه.

أيّ مقت هذا وأي مأساة هذه وأي "سخرية" هذه؟؟ّ!!

وأيّ عالم هذا الذي نعيش فيه، حيث ما زال هذا الشعب الفلسطيني يعاني "مكشوفا" أمام بطش جنود ساديين ينفّذون أوامر مسؤوليهم العسكريين والسياسيين الغارقين في الفساد والظلم والغطرسة وإنتهاك القوانين الدولية وقوانين حقوق الإنسان؟؟!!

أدعو الله العلي القدير أن يُصبّر زوجته فاطمة وولديه على هذا الفراق "المُبهم" المؤلم. وأن يُصبّر الأسير مجد ويُعينه على "التفريق" القصري والقسري الظالم عن زوجته وولديه.

نرجو دائما أن تكون هناك فسحة من الأمل، يلتمّ فيها شمل العائلة مُجدّدا في عش هادئ هانئ لا تصل إليه خفافيش الليل والغربان السود والجراد.

اخر الأخبار