دلالات وسم الخارجية الأمريكية لمنتجات المستوطنات

تابعنا على:   12:22 2020-12-13

تحسين يقين

أمد/ خبث بمنتهى الذكاء واللصوصية؛ فلما لم يشأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أخذ خطوة على الأرض باتجاه الضم، حتى يتجنب غضب الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، فقد تفتق ما هو أشد مكرا وخبثا! وبالطبع، وللأسف، لن يعدم الإسرائيليون وجود منصت لهم هنااااك فيما وراء البحار.

كأنه تم الإيحاء للخارجية الأمريكية التي، بإصدار قرار وسم منتوجات المستوطنات، كمنتجات إسرائيلية، وليس معنى لذلك، إلا ان الضم كيفيا وإجرائيا قد بدأ؛ فلم تكن زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو للمستوطنات مجرد زيارة، بل كان لها ما وراءها، من نوايا الضم الفعلي.

وهنا نتذكر ...الذي قال: "الحرب بدأت فعلا لكن إطلاق النار لم يصدر بعد"، والمعنى واضح.

-       ما الذي يمكن قراءته من خلال مقال دكتور سلام فياض الأخير عن وسم المنتجات هنا، كمنتجات إسرائيلية؟

-       ........................................

احترت ما بين عنوان مقال دكتور سلام فياض رئيس الوزراء الأسبق،" ضم إسرائيلي للضفة بوسم أميركي للبضائع"* الذي نشره مؤخرا لأعنون به مقالي هذا، رغم ما بالكتابة من المجازفة، (إذ ما الذي أصلا سأضيفه!)، أو عنوان آخر حول آفاق العلاقة الفلسطينية الامريكية.

أو لعلي أعود إلى عنوان مقالة دكتور سلام فياض التي نشرها باللغة الإنجليزية، وهو Labeling" Israeli products, or formalizing theft of Palestinian land?" الذي فعلا يعبّر فعلا عن هذا المضمون الخبيث و"المتثعلب"، إنها فعلا سرقة ولصوصية؛ فهل هناك وصف آخر!

من السهل ان نخرج من الحيرة، حينما نتتبع الهدف، ومتعلقاته وما يلزمه، من خلال التركيز على إعادة بناء العلاقة في عهد جديد، والتي تحتاج بالطبع لبناة وبنائين ومهندسين، واستراتيجيين، بعيدا عن الانفعال والنزق، متسلحين بالندية والحكمة، والصدق والصراحة، فليس من السهل إحداث اختراق سياسي، خارج الدور والنفوذ الأمريكي.

تشخيص دكتور فياض صحيح فعلا، فمعه كل الحق حين يقول "وعليه، لا ينبغي في المرحلة المقبلة الاكتفاء بإعادة مياه السياسة الأميركية الخاصة بما يسمى بعملية السلام إلى مجاريها، وإنما تجاوز ذلك ليشمل العمل على اعتماد نهج جديد يشكل الالتزامُ بالقانون الدولي والشرعية الدولية ركناً أساسياً له. وبكل تأكيد، يمكن النظر إلى إلغاء إدارة الرئيس بايدن في بداية عهدها للتغيير الأخير في سياسة الوسم كمؤشر إيجابي على جديتها في السعي لإحداث التحول المطلوب وإنجاحه.".

لا بدّ من الذهاب نحو منطق أن الولايات المتحدة هي وسيط لتحقيق تسوية، فهي حتى لو أن رئيسها السابق قد قدم مقترحات رفضناها، فليس معنى ذلك هو أن نرفض أمريكا، لأنه ببساطة سنعمق استفراد إسرائيل بالولايات المتحدة؛ فمنذ مبادرة روجرز ومرورا بمبادرة ريجان، ومقترحات كلينتون وصولا لمقترحات ترامب، ونحن نرفض، ومن حقنا ذلك بالطبع، لكن لا ينبغي أن يكون الرفض في سياق عدائي، ولسان حالنا يقول: "شكرا على المحاولة، حاولوا مرة أخرى، ولا تنسوا إكمال خطاب ترامب حول القدس، وهو أن القدس الشرقية عاصمة لفلسطين.

لنا الحق في القبول والرفض، قبولا عقلانيا أو رفضا عقلانيا، وكلاهما يستجيبان للحدود الدنيا من الحقوق الفلسطينية المشروعة، تلك التي اقترب من مضمونها الرئيس باراك أوباما، في كتابه "الأرض الموعودة" الذي أزعج الإسرائيليين.

لسان حالنا للمسؤولين الأمريكيين، وصولا للرئيس الجديد بايدن هو أننا فعلا جادون في إنجاز مصالحة، وليضع كل قائد امريكي او حتى إسرائيلي مكاننا، فهل فعلا سيرضى بما نرفضه؟

قد نتفهم على مضض وليس بكثير اقتناع، عن التحالف بين أمريكا وإسرائيل (المحتلة) لحمايتها من إيران مثلا، لكن يصعب تقبل تخلي الفلسطينيين عن حقوقهم التي كفلها أصلا القانون الدولي، والذي كانت الولايات المتحدة حتى وقت قريب مؤكدة عليه.

مصارحة الأمريكيين يحتاج لقادة صريحين وشفافين، ويملكون المؤهلات، ويفهمون جيدا كيفية مخاطبة الأمريكيين، الذين ما زالوا يميلون الى إيجاد كيان فلسطيني، رغم قناعتهم من الداخل أن إسرائيل، تضع العراقيل، وأن الدولة الواحدة هي الحل الاستراتيجي.

إذن ما دامت أمريكا هكذا، فمعنى ذلك هو دفع استحقاقات ذلك على الأرض، والعودة الى بنود أوسلو، لذلك ينبغي على الإدارة الجديدة استخدام هذا المنظور، لا تكريس ضم إسرائيل بأي شكل من الأشكال لأية بقعة من الأرض المحتلة عام 1967، بل علينا أيضا وبذكاء وصراحة وشجاعة العودة مع الأمريكيين الى تاريخ القضية والصراع، وصولا الى حسن نوايانا، حين قبلنا الحد الأدنى من الحقوق.

وعليه، فإننا ننتظر من الإدارة الأمريكية الجديدة، أن تحسم أي حديث في شأن الأرض المحتلة عام 1967، وعدم توريط نفسها في مسألة التعامل مع منتجات المستوطنات، وقطع الطريق على إسرائيل التي تسعى كما ذكر د. سلام فياض، الى "توظيف مسألة وسم البضائع كمدخل وأداة للوصول، بشكل فوري وحاسم، إلى هدفه الحقيقي المتمثل بوسم الأراضي الفلسطينية وكأنها جزء لا يتجزأ من إسرائيل".

وبالتالي عدم التعامل مع سياسة الأمر الواقع الإسرائيلية، وأطماعها المعلنة المتعلقة بالمنطقة ج، والتي تشكل معظم مساحة الضفة الغربية.

إن التماهي مع البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية الأميركية يوم التاسع عشر من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ب "دعوى الإعلان عن مبادئ توجيهية جديدة فيما يخص تحديد بلد المنشأ المعتمد في وسم البضائع الإسرائيلية والفلسطينية"، يساهم في "ترسيم ضم إسرائيل لأراضي الضفة الغربية، وفيما يفوق ضعف ما تضمنته «خطة ترامب» التي تم إطلاقها في بداية العام الحالي".

لقد تحدث دكتور فياض بصراحة عن الدولة الفلسطينية وضرورة عدم التخلي عن "اعتبار الضفة الغربية وغزة وحدة جغرافية واحدة"، لذلك يصبح فصل منتجات الضفة عن منتجات غزة، من خلال وسم لكل منهما على حدة أمرا غير مقبول.

-       ..................................

-       الذي يمكن قراءته من خلال مقال دكتور سلام فياض الأخير عن وسم المنتجات هنا، كمنتجات إسرائيلية، هو أنه أولا، ما زلنا قادرين على الوجود الفعال، والتوضيح بشفافية وصدق، عن ما هو ممكن ومقبول، فيما يتعلق بسياسات دولة عظمى، تسعى للتوسط في عملية سياسية.

-       .................................

-       لدينا من يستطيع فعلا أن يقدم النظرة الفلسطينية الصحيحة والواعية والعقلانية.

-       ....................................

-       وعليه، صار لازما ووطنيا وعمليا، توظيف أكبر قدر من عوامل القوة الفلسطينية، لتقوية نظامنا الفلسطيني كنظام سياسي نضالي هدفه تحرري، بعيدا عن سياسة الإقصاء الفصائلي والشخصي، فليست القضية شخصية، بل عامة، تحتاج الى بنية مؤسساتية متماسكة، حتى لو كان الحب قليلا.

لقد سبقنا دكتور سلام فياض جميعا، وقدم نظرة صريحة شجاعة من منظور استراتيجي ووطني، للإدارة الأمريكية الجديدة، متسلحا بوعيه على حقوق شعبنا في الضفة الغربية وقطاع غزة، بما فيهما، وهما معا كوحدة جغرافية تشكل مكان الدولة المستقلة.

لا يستطيع أي مسؤول أمريكي فعلا، رمي انتقادات دكتور سلام فياض عرض الحائط، لأنها في عمقها أيضا تشكل أرضا صالحة لتسوية سياسية حقيقية تحل جزءا كبيرا من المشاكل.

نحن ننتظر قريبا، أن يصدر وزير الخارجية الأمريكي الجديد قرارا يلغي بموجبه قرار سلفه، من أجل الانسجام مع توجه الإدارة المنتخبة على لسان وزير الخارجية القادم انتوني بلينكن " وسيطالب اسرائيل والفلسطينيين عدم اتخاذ خطوات احادية تمنع العودة لحل الدولتين، وسيجدد الدعم للسلطة الفلسطينية، وسيفتح القنصلية الامريكية في القدس الشرقية، وسيقوم بتقديم مساعدات انسانية واقتصادية للفلسطينيين بموجب قانون تايلور فورس".

لدينا ما نتحدث به لطاقم الرئيس المنتخب جو بايدن، لعلنا لا نعيد فقط الأمور لسابقتها، بل وإنما "لتجاوز ذلك ليشمل العمل على اعتماد نهج جديد يشكل الالتزامُ بالقانون الدولي والشرعية الدولية ركناً أساسياً له". كما اختتم به دكتور فياض.

كلمات دلالية

اخر الأخبار