وجع الفقدان يُذيب قلب والدة المفقود "أحمد عصفور": غيابك كسر ظهري - صور وفيديو

تابعنا على:   23:00 2020-11-03

أمد/ غزة - سماح شاهين: "غيابك كسر ظهري يما بدي ابني ما بقعد لا ليل ولا نهار وأنا بدور على ابني، أحمد يا حبيبي ارجع لي يمّه، أنا عملت أبواب البيت من حديد بدلاً من الخشب من الخوف، إنت نادي عليا واحكيلي تعاليلي بدي أجيك زحف يما"، هكذا تبوح أم أحمد عصفور مرارة الفقد على فلذة كبدها، ليس سهلاً عليها أن تكبت دموعها كلّما مرّ طيفه، وكلّما تحسست ملابسه، وأغراضه الخاصة ورؤيتها لغرفته.

ست سنوات مضت على اختفاء أحمد الذي فُقِد في البحر المتوسط عام 2014 حين قرر أن يهاجر بحثًا عن حياة كريمة خارج غزة إلى جانب عشرات الفلسطينيين بينهم عائلات بأكملها، بدأت القصّة بالإعلان عن غرق قارب للمهاجرين في المياه الدولية بالبحر على بعد نحو ثلاثمائة ميل بحري جنوب شرق مالطا في العاشر من سبتمبر/أيلول من العام 2014.

تارة تنظر أم أحمد إلى صوره والمجسم الورقي التي صنعته في منزلها  لنجلها التي تحكم امساكه بين ذراعيها وتضمه إلى صدرها عل تلك النظرة تطفئ حرارة شوقها لرؤية ابنها، وتطبطب على كتف المجسم وتستمد منه قوتها التي باتت في أمس الحاجة إليها، بعد أن كسرها غياب عامود المنزل الذي يظلل على اخوانه.

وتارة أخرى تنظر في وجوه المارين العابرين في شوارع المدينة علها تجد فيهم أملاً مفقوداً يعيد إليها "روحها" كما وصفته بعد أن غيبته المسافات، والحدود ووحشة السؤال تردد بداخلها أحي هو أم ميت!.

مرارة الفقد

تقول والدة أحمد لـ"أمد للإعلام"، إن نجلها هاجر هربًا من الوضع الصعب والحروب على قطاع غزة، خاصة بعد عدوان عام 2014، ولأنه لم يجد من يتبنياه في علاجه حيث أنه أحد جرحى الحرب على غزة في العام 2014، ويعاني من مرض السكر ولا يوجد له كوع أو عصب، ظن أن في الهجرة مخرج لتوفير العلاج.

وتشير أم أحمد وهي تبكي، إلى اتصال أحمد بها قبل صعوده إلى المركب بساعات قليلة طالباً منها ان تدعو له بأن يوفقه الله، ويعيده سالماً بعد رحلة العلاج التي كان يحلم بها، ليكن أخر اتصال معها.

وتنوه، إلى أن أحمد أصيب في حرب عام 2008-2009 بإصابات بالغة، فقد خلالها يده اليسرى والبنكرياس وأحد كليتيه، ناهيك عن التشوهات التي يعانيها في جسده، بعد أن منع من السفر إلى مصر للعلاج لثلاث مرات.

لم يجد من يعالجه

وتشير إلى أن لم يجد من يرعاه ويقدم له المساعدة أو شراء علاجه وهذا السبب الرئيسي الذي دفع أحمد للهجرة إلى الدول الأوربية، كي يتعالج ويعود إلى طبيعته بعد أن أصيب بالحرب.

ولم تتمالك نفسها ودخلت في موجة من البكاء والصراخ، موجّهة أصابع المسؤولية إلى كافة المسؤولين في غزة والضفة الغربية، لكشف مصير المفقودين منذ أكثر ست سنوات.

حي أم ميت

ثم عادت لتتساءل والدموع تغطي وجهها: "هل أحمد حي أم ميت؟ هل سيكون ابني من الموتى، إذاً أين جثته، وأين دور الجهات المختصة بعد كل هذه السنوات؟ لم نحصل على جواب عن مصير أبنائنا المفقودين على متن قوارب الموت".

بدموع الألم والفقد، تستصرخ أم أحمد عصفور، الرئيس محمود عباس، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بضرورة العمل الجاد للكشف عن مصير ابنها وكافة المفقودين في نفس السفينة، والذين خرجوا إما للبحث عن فرصة عمل أو للدراسة.

راضي بالمكتوب

أما والد أحمد يقول، إنني مُتقبل لأية نتيجة حول مصير أحمد، سواء كان عايش أو ميت، مطالباً بسرعة الكشف عن وضعه قبل فوات الآوان.

ويؤكد والد أحمد لـ"أمد للإعلام"، بأنه تسقط دول وحكومات من أجل الكشف عن مصير شخص واحد فقط، أما نحن 450 عائلة لم نجد أحد يكشف عن مصيرهم لنطمئن على أولادنا.

ويتابع: إنه فإن كان أحد المسجونين رأى أحم وأفادنا بأنه محتجز في السجون المصرية، وقد بلغ وزنه حوالي 30 كيلو بسبب المرض، معرباً عن خشيته أن يفقد حياته نتيجة ذلك، إذ لا توجد أي تهمة يحاكم بسببها سوى رغبته في الهجرة من قطاع غزّة عن طريق البحر.

ذاهبون للأمم المتحدة

ويشدد على أننا ذاهبون إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لتقديم له ملفات ووضعه في صورة العائلات المفقودة، من أجل الإسراع بالكشف عن مصيرهم.

وكان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان -ومقره جنيف- أوضح أن ما بين 400 و450 شخصًا، بينهم نحو مائة طفل ومعظمهم من الفلسطينيين، تعرضوا للإغراق المتعمد في عرض البحر، مؤكدًا -وفق الإفادات المختلفة وملابسات الحادث- أن معظم المهاجرين بالقارب فقدوا حياتهم.

اخر الأخبار