النقابة تتوعد..

"أمد" يكشف عمليات ابتزاز يتعرض لها "المتدربين" في مكاتب المحاماة بغزة

تابعنا على:   00:00 2019-05-26

أمد/ غزة- محمد عاطف المصري: بعد الجهد الكبير والعمل الدؤوب والأمل الطويل للحصول على الدرجات العالية، يتخرج طلاب من كليات الحقوق والقانون بلهفة كبيرة وشوق عظيم، لحصاد نتاج جهودهم، مندفعون نحو ميدان العمل ليصطدموا بواقع مغاير عن أفكارهم، فتكون الصاعقة أنهم سيبذلون جهود أكبر من ذي قبل للحصول على "مزاولة مهنة" بعد فترة من التدريب في مكتب محاماة.

ولكن من هنا تأتي الصدمة ورحلة "معاناة" طويلة، عندما لا يجد المتدرب مكان يتسع له، فيضطر احيانا "المتمرن" دفع مبلغ من المال مقابل تدريبه بالمكتب، وهذا ما يخالف كل القوانين والنصوص التي تخص هذا الشأن.

وما فاقم تلك القضية قوانين نقابة المحامين بعدم السماح للمحامين سوى بتدريب اثنين فقط ، مع غفلة تامة عن تصرفات وسلوكيات بعض مكاتب المحاماة ،و لذلك قرر "أمد للإعلام" فتح ذلك الملف.

رأي النقابة

وفي هذا الصدد شدد نائب نقيب المحاميين النظاميين في غزة عبد العزيز الغلاييني: "أنَّ أي خرق أو مخالفة يتم ارتكابها من قبل أي محامي، لدينا في النقابة مجلسين للتأديب منها لجنة شؤون مهنة، فأي شكوى يتم تقديمها من أي متدرب فوراً بيتم تحويل الشكوى إلى مجلس التأديب، فالمجلس يتخذ قرار بمنع المحامي المبُتز من التدريب مرة أخرى لأنه لا يصلح أن يخرج أجيال من تحت يده، إذا يتبع أسلوب الابتزاز مع الناس بأن يدفعوا له أو عنه الرسوم، فهذا لن يكون محامي أصلاً، مضيفاً فهو بالتصرف هذا يهين مهنة المحاماة ويخالف أداب وسلوكيات المهنة بالتالي نحن كنقابة لن نقبل فيه.

وأكد الغلايني لــ "أمد للإعلام"، "صحيح هناك أقوال عن وجود محامين يتلقون مبالغ مالية من المتدربين، لكن حتى اللحظة لم توردنا أي شكوى بشكل رسمي مكتوب".

وأضاف الغلاييني، "الانقسام البغيض هو سبب كل معاناة في قطاع غزة، أدى إلى حصار وإلى سوء الأوضاع الاقتصادية، فزادت القضايا في سلوكياتها وزادت المشاكل بسبب عدم مقدرة الناس على الالتزام بما اتفقوا عليه فيما بينهم، بالتالي أصبح هناك عبء متراكم".

وأوضح:" يوجد في غزة سبع جامعات وكليات تخرج متدربين، فهذا خلق أزمة، وبسبب الوضع الاقتصادي الذي ألقى بضلاله علينا وآثر على شريحة المحاميين، بالتالي أصبح المحامي لا يستطيع دفع الرسوم المالية عليه لنقابة المحاميين، والتي هي بالأساس مخصصة لخدمة المحاميين، مشددا صحيح أنّ الرسوم عالية ولكن هي فائدة للمحاميين، لأنها تذهب عبر صناديق يستفيد منها الورثة في حال وفاة المحامي، أو تقاعد في سن الستين أو ثلاثين سنة مزاولة، أو حدث معه عجز جزئي أو كلي يستفيد من هذه الصناديق، فهي ضمان لهم لذلك تكون الرسوم عالية".

وتابع الغلايني: "عدم مقدرة دفع المحاميين التزاماتهم بسبب الظروف الصعبة، يخلق أزمة عند المتدربين، فعدد المحاميين حالياً 4200 محامي، والمزاولين الفعليين 3500 محامي منهم 1400 محامي فقط مسددين للرسوم، بالتالي يوجد خلل في 2000 محامي غير مسددين للرسوم، فهؤلاء الغير مسددين للرسوم سيضيعون فرصة على المتدربين، وهناك 1600 محامي متدرب مقيدين داخل النقابة".

وختم، في النهاية النقابة يحكمها قانون صادر عن المجلس التشريعي ولسنا كأي مؤسسة أخرى تستطيع تعديل النظام بمجرد اجتماعها، فيمكن حل الأزمة بقيام المحاميين المزاولين بدفع رسومهم على أقساط التي تقدر بالحد الأدنى 150 دينار أردني حسب العمر،  فهذا كفيل بحل أزمة الخريجين.

ماذا قال التشريعي؟

ومن جانبه أبدى القانوني النائب محمد فرج الغول، استعداده باستقبال طلب من نقابة المحاميين النظاميين ، لزيادة عدد المتمرنين من المحاميين الخريجين وفق الأصول، قائلاً لـ "أمد للإعلام": "لا يوجد لدينا أي مشكلة، بل بالعكس نحن مع التيسير عن المحاميين وعن المتدربين وعن النقابة خاصة بعد زيادة عدد الخريجين ولا بد أن يكون لهم مكان للتدريب".

مطالبات بالحماية

 وبهذا الشأن قال المحامي الشرعي والنظامي محمد عبد المجيد أبوعمرة:" ظهرت المشكلة عندما ازداد عدد المحامين المتدربين خاصة بعد أن فتحت عدة جامعات تخصص قانون؛ وهناك عدد محامين مزاولين لم يستطيعوا دفع رسومهم، ومن لا يستطيع دفع الرسوم لا يستطيع تدريب محامي على اسمهِ"

وحول دفع رسوم المتدرب رسوم تسجيل للمدرب شدد أبو عمرة بالقول:" لا يحق لأي محامي أدبياً أن يأخذ مقابل تدريبه من محامي متدرب رسوم ،لاسيما وأنّ المتدرب يخفف جزء من اعباء العمل على المحامي المزاول.

وأكد أبوعمرة لـ "أمد للإعلام" أن النقابة لم تقم بحلول جذرية للمشكلة، وأنه يتم حل هذه المشكلة من وجهة نظري بزيادة عدد المتدربين على اسم المحامي المزاول، ما يسمح باستيعاب عدد أكبر من المتدربين، حيث أنّه مسموح لكل محامي مزاول أن يسجل على اسمهِ محاميين متدربين  اثنين فقط.

وأوضح أنَّ المشكلة تظهر حين يقوم بعض المحامين المتدربين بالتسجيل على اسم محامي دافع لرسوم المزاولة، لكنه لا يزاول المهنة فعلياً والتدريب في مكتب محامي اخر مزاول عملياً لمهنة المحاماة، بالإضافة إلى أنَّ هناك بعض المحامين المزاولين وغير دافعين لرسوم المزاولة قاموا بـ"مساومة" بعض المحامين المتدربين تسجيلهم ضمن متدربيهم مقابل دفع رسوم مزاولة المهنة للنقابة.

ونوه أنَّ المحاماة الشرعية تختلف عن النظامية حيث مسموح للمحامي الشرعي تسجيل عدد مفتوح من المحامين المتدربين على اسمهِ، وهذا لم يوثر على حسن تدريبهم أو تعليمهم .

ووثقت المحامية المزاولة رندة الزقزوق شهادة لــ"أمد للإعلام" :  "في شهر أكتوبر من عام 2018 راسلني محامي عبر الفيس بوك،  يبحث عن محامي مزاول للتسجيل على اسمه وأنّه بحث كثيراً ولم يجد، مبيناً أنّ محامية ارسلته عليه، ليرى أن كان لدي متسع ليسجل على اسمي، باعتباري محامية مزاولة؛ حيث حدثني عن معاناته ومعاناة الكثير من الشباب المحاميين الخريجين في البحث عن محامي مزاول، ليسجلوا على اسمه للحصول على مزاولة المهنة"

وأشارت الزقزوق: "مما لفت انتباهي ما تتعرض له هذه الفئة من ابتزاز من قبل المحامين المزاولين للخدمة، فصدمني الأمر عندما اتفاجأ بأن يطلب المزاول من المتمرن بأن يدفع له رسوم المزاولة، وحتى يستطيع المتمرن التسجيل يقوم ببيع اي شيء يمتلكه بسبب الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه شباب غزة، في ظل حصار إسرائيلي خانق على غزة. وقد يتفق مجموعة من الشباب بجمع مبلغ الرسوم؛ حتى يدفعوا للمحامي المزاول ليتمكن من تسجيلهم.

واردفت المحامية :" حيث قال لي المتمرن أن لم يوجد لديكي متسع سوف أقوم ببيع دراجتي النارية التي أعيش منها أنا وأسرتي لأتمكن من دفع الرسوم للمحامي،  فعندها استوقفني الأمر وقلت له لا تستعجل وسوف أقوم بتسجيلك على أسمي بداية عام 2019 عند انتهاء مدة أحد المتمرنين المسجلين ع اسمي"

وكشفت الزقزوق عن استعداده بأن يدفع أي شيء اطلبه منه حيث رفضت ذلك بشدة، وقلت له لابد أن نعمل يد بيد لوقف هذه المهزلة التي يتعرض لها شبابنا، وعلى النقابة أن تحدد موقفها من تلك التجاوزات لبعض من المحامين الذين كان لهم الدور الأكبر في إلحاق الضرر والأذى بمهنتنا.

وطالبت الزقزوق نقابة المحاميين النظاميين برفع كتاب للمجلس التشريعي، يتضمن عدد من المطالب التي تحقق الحد الأدنى لحل مشكلة المحاميين المتمرنين، وإمكانية زيادة تسجيل عدد المتدربين إلى أكثر من متدربين اثنين على اسم كل محامي مزاول.

شهادات المتدربين

قال المحامي المتمرن م.ط: " تبدأ قصتي قبل تخرجي بما يقارب خمسة شهور، حيث أوصيت محامي مزاول بأن يقوم بتسجيلي على اسمه بعد استلام شهادتي، وعندما تخرجت تواصلت معه؛ حيث ظل يؤجلني، وبعد ذلك أصبح لا يرد على اتصالاتي، بحثت جاهداً في كل مكان لأجد محامي، فكانت اعذارهم، إما انه غير دافع الرسوم واما إنه لم يصبح مزاول لمدة خمس سنوات حسب القانون.

وأضاف لـ"أمد للإعلام" :"ذهبت إلى النقابة كي تحل مشكلتي؛  فداومت دوام ما يقارب الشهرين وذلك على وعد من مدير النقابة علاء الفرا ومن نائب نقيب المحاميين عبد العزيز الغلاييني؛ إلا أنهم في نهاية المطاف قالوا لي (دبر حالك)".

وأكمل مكثت أبحث إلا أن صديق لي قال "لو بدك تقعد تنتظر عشر سنوات مش حتلاقي، فإذا بدك تسجل على اسم محامي أعمل زي ما عملت أنا؛ قلت له، ماذا فعلت؟ أجاب دفعت رسوم لمحامي وسجلني على اسمه".

وقال:" فبدأت أعرض الفكرة على أصدقاء مقربين، أنه إذا بتلقولي محامي يسجلني على اسمه وادفع له رسوم أنا جاهز(..) فبعد يوم أو يومين هاتفني أحد الأصدقاء وسألني  فلوسك جاهزة؟ قلت له كم يريد المحامي؟ أجاب حركة الف شيكل! قلت له اعتبرهم جاهزين".

وكشف حيث كان لدي تكتك أبيع عليه حتى استطيع العيش أنا وزوجتي وأطفالي، وأدفع أجرة المنزل، ولم يكن لدي من المبلغ أي شي، فعرضت تكتكي الذي كان مصدر دخلي ورزقي للبيع مقابل أن أسجل.

وتم بيعه بمخسر حتى أكسب الوقت والمحامي ما يبطل كما كان يقول لي. مضيفاً وبعدها تواصلت أنا والمحامي وقلت له جهزت المبلغ. فأجاب سنتقابل في النقابة ساعة 12. ذهبت إلى النقابة وبهدى من الله سألت عنه في النقابة في سجل المحاميين المزاولين، قالوا لي عنه لسا باقي له سنة وبعدها بنفع تسجل على اسمهِ؟

وأضاف: "تواصلت معه وقلت له أنت ما بنفع تسجل حدا لأنه لسا ما صارلك خمسة سنوات، قال لي أنت ما دخلك بهيك قصة، وأنا برتبها مع مجلس النقابة"-حسب أقواله.

فرفضت تسليم المبلغ له، وقلت له "سجلني بعدين بدفعلك" فرفض ذلك.

وقال: "تواصل معي ما يقارب خمس محامين على أساس أدفع لهم رسوم مقابل تسجيلي؛ إلا أنني في خلال هذه الفترة تعرفت على زميلة وقلت لها قصتي، قالت انا سوف أساعدك".

وأكمل: عرضت مشكلتي على محامية كبيرة في فضلها، لو عشت دهراً من الزمن وأنا أقد له الشكر في جميل صنيعها ما وفيت حقها. فهي منذ أن سمعت قصتي وتكلمت معها طلبت تجهيز اوراقي حتى تقوم بتسجيلي وسجلتني دون اي مقابل ، بل بالعكس تماما هي من أصرت على أن تقوم بإعطائي تكاليف تسجيلي إلا اني رفضت، وهي الآن اكثر من استاذة ومعلمة بالنسبة لي.

وقال أ.ن خريج كلية القانون والممارسة القضائية بجامعة فلسطين عام 2018، أنَّ مشكلته أنه لم يستطيع التسجيل لدى محامي للتدريب ، بسبب العدد الكبير من الخريجين وعدم مقدرة المحامين المزاولين استيعاب الأعداد الكبيرة من الخريجين وشروط النقابة التي تفرضها حتى يستطيع الطالب أن يتدرب وأيضا الشروط المفروضة على المحامين لاستيعاب المتدربين.

وأضاف: تخرجت في شهر 6/2018 أي سنة كاملة، وأنا لم استطيع الالتحاق والتسجيل في نقابة المحامين فبعض المحامين يطلب مني دفع الرسوم بدلا عنه حتى يسمح لي أن أتدرب لديه بحجة عدم مقدرته على دفع الرسوم، وهناك محامين لم يتم تسجيل أي متدرب لديهم بسبب أنه يريد أن يسجل قريبه أو صديقه مستقبلا.

وطالب النقابة إما تقليص مدة التدريب ،أو الإتاحة للمحامي المزاول استيعاب عدد أكبر من المتدربين.

ومن جانبه قال المحامي المتدرب ب.ح خريج جامعة الإسلامية 2018 أنه ذهب لمحامي لكي يسجل على اسمه في احدى مكاتب المحاماة ،فقد طلب منه رسوم للتسجيل تقدر ب 600 شيكل، مضيفا "استغربت من هذا الطلب سألته هل الجميع يأخذ رسوم قال صحيح لأننا ندفع للنقابة مقابل تدريبكم رسوم سنوية".

وأضاف المتدرب حينها قلت له احجز لي بداية الشهر القادم سأدفع لك مع نزول رواتب الموظفين، مبيناً في تلك المدة الزمنية القصيرة التقيت بزميل لي،  وأوضحت له ما حصل معي، أرشدني بعدم الذهاب له و اصطحبني عند عمه وقد سجلني على اسمه بداية عام 2019.

 وختم في الحقيقة شعرت بمعاناة كبيرة ويأس لأبعد الحدود،  كوني كان لدي توقعات بأهمية المهنة لكن سرعان ما تحطمت هذه الأفكار، وأنصح الطلاب الجدد بعدم الالتحاق في هذا التخصص المهين والمتعب.

اخر الأخبار