تداعيات سقوط «الإخوان المسلمين»
تاريخ النشر : 2013-11-17 08:16

«تداعيات سقوط الإخوان المسلمين»، أو «المتأسلمين» إن صحّ التعبير، هو عنوان لافت لندوة ينظمها «مركز المزماة للدراسات والبحوث» الثلاثاء القادم الموافق 19 نوفمبر الجاري في جامعة الإمارات بمدينة العين، خاصة أن المتحدثين فيها أشخاص يملكون ارتباطات وثيقة بخفايا المعلومات من خلال وظائفهم التي يترأسون فيها مؤسسات إعلامية، مثّلت مرجعاً خبرياً لعدد كبير من المتابعين في مختلف الدول، والمصداقية والتوازن الطرحي الذي امتازت به المؤسسات التي يرأسها أولئك المتحدثون، وعلى رأسهم الأستاذ محمد الحمادي رئيس تحرير جريدة «الاتحاد»، والأستاذ مصطفى بكري رئيس تحرير جريدة «الأسبوع» المصرية، والأستاذ منصور النقيدان مدير «مركز المسبار للدراسات والبحوث».
التفاصيل التي أردنا للندوة أن تقدمها تمثّلت في قراءة تفصيلية لأسباب سقوط جماعات الإسلام السياسي، وعلى رأسها جماعة الإخوان المتأسلمين في أكثر من دولة عربية، كما تشرح مخاطر تلك الجماعات والعلاقة بين تنظيماتها في أكثر من بلد، إضافة لإلقاء الضوء على مراحل سقوطها ونهاية مستقبلها في العمل السياسي. وتركز الندوة على تداعيات سقوط هذه الجماعات الأخطبوطية التي عادت بكثير من الدول سنوات للوراء في فترات حكمها الوجيزة، ولا زالت بقاياها تمارس سياسات التخريب والتعويق، وإقعاد المجتمعات عن مواصلة مسيرتها الحياتية نحو التطور والازدهار.
ولأن دولة الإمارات العربية المتحدة عانت كغيرها من مختلف دول المنطقة، من عبث الجماعات المتأسلمة التي حاولت امتطاء موجات خدعة سراب الجحيم العربي، وأوهام القدرة على تطبيق شروطه عليها، وواجهت ما واجهت من حملات ضارية من التنظيمات الخارجية لجماعات الإسلام السياسي، التي حرّكت العديد من منظمات المجتمع المدني، حسب ما تدّعي، أو تلك التي تدّعي دفاعها عن حقوق الإنسان، بينما هي في الأصل منظمات مشبوهة ومستأجرة وتكيل بمكيالين، في محاولات يائسة منها لتشويه السيرة البيضاء الناصعة لدولة الإمارات، والتي عرفها فيها العالم كله رسول رحمة، وداعي محبة وأخوة وحياة، ولكنهم اصطدموا بحائط إنجازات كبير ملموس، صنعته الأيادي البيضاء للدولة في الخارج، ونهضة ملموسة لا تخطئها عين، صنعتها إرادة أبناء هذا البلد في الداخل، بتخطيط سليم من قيادة رشيدة همّها الأول والأخير هو رفاهية هذا الشعب الذي التفّ حولها وحمّلها كامل ولائه ومحبته الصادقة.
وحاولت جماعات الإسلام السياسي أيضاً أن تنال من هذه النهضة الميمونة للدولة، متّخذة في ذلك العديد من السبل، فتغلغلت في عقول بعض أبنائنا، وصوّرت لهم أوهاماً لا توجد سوى في خيال مريض، وحاولت عبرهم الولوج لمفاصل نهضتنا وضربها من الداخل، والتفريق بين أبناء الإمارات، والخدعة بشعارات برّاقة زائفة، غير أن الشعب الإماراتي الوفي لقيادته، الذي تعوّد صنع الحضارات بدءاً بالعصور الأولى الغابرة، وانتهاءً بعصر الاتحاد، ورث حصيلة من الوعي الكافي لصيانة نهضته، والتمييز بين ماهو صالح وطالح، وحقيقي وزائف، وأيضاً اصطدمت بإرادة رسمية احترفت التعامل الذي تقضي به الدولة الدستورية، على عكس الدول التي هيمنت عليها جماعات الإسلام السياسي، والتي تعاملت مع خصومها السياسيين بطرق عنيفة، ونقلت عنها وسائل الإعلام في فترات حكمها المحدودة، أرقاماً قياسية عن التصفيات التي تمت للخصوم، وصور التعذيب اللاإنسانية المذلة التي راجت في مختلف المواقع التي تهتم بهذه الأمور في الفضاء الإلكتروني عبر الإنترنت. وكان لتلاحم الإرادة الرسمية والشعبية، والتي فرضتها طبيعة خصوصية هذا المجتمع، أثر كبير في القضاء المبرم على ترهات الإسلام السياسي المضلل، واقتلاع أشجاره الفاسدة من الجذور لضمان عدم نموها مرة أخرى لإيذاء أجيال قادمة.
ولما كانت عمليات السقوط المروع الذي شهدته فقاعات جماعات الإسلام السياسي التي أتت للسلطة بحيل عديدة، قد أفرز العديد من المظاهر التي شابهت حركة ذيل «الضبّ الصغير» بعد القطع، والذي يتحرك حركة هستيرية تشبه فرفرة المذبوح، فإن الوعي بطبيعة هذه الحركة الأخيرة، وكيفية التعامل معها حال حدوثها، بات واجباً وطنياً لابد من تمليكه لشبابنا، حتى لا تتحول هذه الحركة المذعورة لرأس أخطبوط ينبت من جديد حاملا معه كل جينات النفاق الاجتماعي والعقائدي، وكل ما اكتشفته الشعوب من خفايا هذا الوهم الكبير الخادع الذي اختفى خلف كلمة «الإسلام السياسي»، وقام بتعديد قبائله وأفخاذه وأسمائه ومسمياته، غير أنها جميعاً كالشرايين والعروق التي تتم إدارتها من قلب واحد، وتخدم كلها جسماً واحداً قام بصناعتها، وبدأ عبرها يقوم بتنفيذ مختلف مآربه المعلنة والخفية في المنطقة، خاصة أن نموذج دولة الإمارات العربية المتحدة مثيرٌ لغيرة الذين يخافون من مقارنة شعوبهم أحوال دولهم وأوضاعهم المعيشية بأحوال دولة الإمارات، خاصة في الدول التي تملك مقومات مشابهة.
ومن صور الاستهداف الكبيرة التي تصدّت لها دولة الإمارات العربية المتحدة، حكومة وشعباً، قضية نشر الشائعات، والنشر الإلكتروني، وهي صور أظهرت بالفعل مقدرات المواطن الإماراتي العالية في التعامل داخل هذا العالم الافتراضي الجديد، عالم الإنترنت، وهو العالم الذي حاولت جماعات الإسلام السياسي لفترات طويلة استخدامه لغسل عقول وتوجيه أدمغة الشباب نحو التنكّر لمجتمعاتهم، وتحويل بلدانهم التي يحملون فيها قادة الوهم السياسي المشوّه للإسلام، إلى النماذج التي عجّل الله بتجسيدها في بعض الدول ليراها الآخرون رأي العين. فبلادنا التي حققت أرقاماً قياسية في مختلف مفاصل التنمية والتقدّم، وتمكنت من تحويل الصحراء الجرداء إلى مسطحات خضراء، وتمكنت من بناء أكبر مبنى في العالم في العصر الحديث، وحوّلت الشواطئ الجرداء إلى مواقع سياحية حضارية، ونقشت عمراناً في الماء، وخضرةً في أماكنَ جزم الخبراء وأقسموا بالثلاث على عدم إمكانية قيام أي شكل من أشكال الحياة عليها... وغير ذلك مما يمكننا أن نطلق على أي نموذج من نمازجه معجزةً، لم تكن لتصل لهذا الموصل لولا الخصوصية التي لا ينفع فيها سوى خير هذا النمط الناجح من الحياة، وليس مزايدات الإسلام السياسي والإخوان المتأسلمين الزائفة.
عن الاتحاد الاماراتية