صحف عالمية: تشاؤم فلسطيني من زيارة بلينكن.. والدعم الغربي لكييف غير مدروس
تاريخ النشر : 2023-01-31 09:59

سلطت أبرز الصحف العالمية الضوء على جولة وزير الخارجية الأمريكي في الشرق الأوسط، التي تهدف إلى احتواء العنف المتصاعد بين الإسرائيليين والفلسطينيين من جهة، ونقل مخاوف البيت الأبيض تجاه الحكومة الإسرائيلية من جهة أخرى.

يأتي ذلك فيما تحدثت الصحف عن "تشاؤم" فلسطيني من زيارة المسؤول الأمريكي.

وتناولت الصحف أيضًا تداعيات "الضربة الإسرائيلية" التي استهدفت منشأة عسكرية إيرانية، وسط تقارير تكشف أنها "حققت أهدافها بدقة". في المقابل، حذرت إيران من "حرب محتملة مع الولايات المتحدة".

وفي الحرب الروسية الأوكرانية، ركزت منصات أخرى على مسألة الدعم الغربي لأوكرانيا محذرة من عواقبه الوخيمة على العالم، إذا صعدت روسيا من حدة ردها.

نقاش أمريكي إسرائيلي "متوتر".. و"تشاؤم" فلسطيني

سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الضوء على كواليس المناقشات التي جرت بين وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس الاثنين، في القدس المحتلة، وذلك خلال زيارة رفيعة المستوى يقوم بها المسؤول الأمريكي إلى المنطقة المضطربة.

وذكرت الصحيفة أن محادثات "الغرف المغلقة" شهدت محاولات حثيثة من بلينكن لاحتواء موجة جديدة من العنف الإسرائيلي الفلسطيني بعد أحداث دامية تشهدها الضفة الغربية المحتلة منذ الخميس؛ ما أثار قلق المسؤولين الأمريكيين بشأن تصعيد كبير محتمل في المنطقة.

وقالت الصحيفة إن بلينكن أبدى انزعاجه الشديد إزاء دعوات بعض الوزراء اليمينيين المتطرفين بحكومة نتنياهو بشأن "الانتقام من المزيد من الضحايا الفلسطينيين الأبرياء، قائلاً إن "أعمال العنف الانتقامي ضد المدنيين لا يمكن تبريرها أبدًا".

وفيما يتعلق بـ"المناقشات السرية"، أشارت الصحيفة إلى أن بلينكن أثار مخاوف الإدارة الأمريكية إزاء خطة حكومة نتنياهو التي تهدف لتدمير القضاء الإسرائيلي، والتي تسببت في احتجاجات ضخمة بالشوارع وأثارت مخاوف من أن الائتلاف المتطرف سوف يقوض المعايير الديمقراطية في البلاد.

وأضافت الصحيفة أن "المناقشات السرية" تطرقت إلى موازنة تحالف الولايات المتحدة الوثيق مع إسرائيل ضد مخاوف إدارة الرئيس، جو بايدن، بشأن حكومة نتنياهو الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل. ولم يذكر تقرير الصحيفة ما إذا كانت هناك نتائج للاجتماع.

وإلى جانب محادثات "الغرف المغلقة"، قالت الصحيفة إن بلينكن شدد خلال لقائه مع نتنياهو على أهمية القضية الفلسطينية وحل الدولتين بالنسبة لإدارة بايدن، فضلاً عن ملفات أخرى؛ أهمها البرنامج النووي الإيراني، والحرب في أوكرانيا.

ووفقاً لتقرير الصحيفة، نقل بلينكن قلق البيت الأبيض إزاء المواقف المتشددة تجاه الفلسطينيين التي يتبناها أعضاء حكومة نتنياهو، بما في ذلك تشديد القبضة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة، إذ ستجعل حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أكثر صعوبة.

وقالت الصحيفة إن مسؤولي إدارة بايدن يشعرون بالقلق من نتنياهو نفسه - الذي عاد إلى السلطة وسط محاكمته بتهم فساد - مستشهدين بـ"مواجهاته المريرة" مع الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، حول إيران والفلسطينيين ومسائل أخرى.

وأضافت الصحيفة أن نتنياهو لا يحظى بثقة الديمقراطيين إلى حد كبير، مشيرة إلى أن خطة الإصلاح القضائي للحكومة الإسرائيلية قد تواجه معارضة شديدة من قبل البيت الأبيض وكذلك الكونغرس، على الرغم من سيطرة الجمهوريين – الذين يفضلهم نتنياهو - على مجلس النواب.

في غضون ذلك، أعرب مسؤول فلسطيني كبير عن "تشاؤمه" من زيارة بلينكن إلى المنطقة، قائلاً إنه لا يتوقع انفراجة كبيرة في قضية الشرق الأوسط بسبب سياسات الإدارات الأمريكية المتعاقبة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وصرح أحمد الديك، كبير المستشارين بوزارة الخارجية الفلسطينية، لصحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية بأن بلاده "لا تطالب بأي شيء سوى أن تفي الإدارة الأمريكية بوعودها والتزاماتها المعلنة في ما يتعلق القضية الفلسطينية، بما في ذلك دعم حل الدولتين ومعارضة الإجراءات الأحادية الجانب".

ومن المقرر أن يجتمع بلينكن مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، اليوم الثلاثاء، لحثه على المساعدة في احتواء العنف. ودعا ممثلون عن بضع جماعات فلسطينية إلى تنظيم احتجاجات في رام الله ضد زيارة بلينكن و"الانحياز" الأمريكي لصالح إسرائيل.

وأضاف الديك للصحيفة العبرية: "إن الفلسطينيين لم يعلقوا آمالاً كبيرة على زيارة بلينكن لإسرائيل والضفة الغربية المحتلة، كما أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة لن تستمع إلى بلينكن، وبمجرد مغادرته، ستعلن عن خطط ضخمة لبناء وتوسيع المستوطنات".

وتابع الديك أن عباس سيطالب مرة أخرى الإدارة الأمريكية بممارسة "ضغوط حقيقية على الحكومة الإسرائيلية لوقف جميع أشكال التصعيد". وتشمل هذه العمليات، التوغل العسكري اليومي، وعمليات القتل خارج نطاق القانون، وهدم المنازل، والأنشطة الاستيطانية وجميع أشكال الاعتداءات على القدس والأماكن المقدسة فيها.

ضربة "دقيقة".. وإيران تحذر من "الحرب"

بعد أن تعرضت إحدى منشآتها العسكرية الحساسة لهجوم إسرائيلي بطائرات دون طيار، حذرت إيران من أن "أي تورط أمريكي يعني الحرب". وقال مسؤولون إيرانيون لمجلة "نيوزويك" الأمريكية إن أي خيار عسكري تتبعه واشنطن ضد طهران سيؤدي إلى صراع شامل مع تداعيات كارثية على المنطقة.

وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" أكدت في تقرير لها أن الهجوم الذي استهدف منشأة عسكرية بمدينة أصفهان الإيرانية، صباح الأحد، قد نفذه جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد). ولم تؤكد أو تنف تل أبيب هذه المزاعم حتى الآن. كما نفى الجيش الأمريكي ضلوعه في الهجوم.

ورأت المجلة أنه مع قيام بايدن بوقف جهود إحياء الاتفاق النووي الإيراني، وتأكيد مسؤولين بالإدارة، بمن فيهم بلينكن، أن "كل الخيارات مطروحة ضد إيران"، فليس من المستبعد أن تخطط الولايات المتحدة لشن عملية عسكرية مشتركة مع إسرائيل ضد طهران.

وفي حديثهم مع "نيوزويك"، حذر مسؤولو البعثة الإيرانية الدائمة لدى الأمم المتحدة، الذين نفوا باستمرار السعي للحصول على السلاح النووي، من أن أي عمل عسكري تخطط له واشنطن من شأنه أن يؤدي إلى تصعيد أكبر بكثير بين الدولتين.

وأضاف المسؤولون: "إذا أخطأت الولايات المتحدة في تقديرها وبدأت حربًا، فإن عواقب هذا الصراع على المنطقة والعالم ستكون مسؤولية واشنطن. وفي حالة حدوث ذلك، ليس هناك شك في أن إيران تمتلك القدرة على الدفاع عن أمنها ومصالحها".

يأتي ذلك بعدما أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن الهجوم الإسرائيلي الأخير ضد منشأة عسكرية إيرانية "قد حقق أهدافه". ونقلت عن مصادر مطلعة قولها إن "الضربة الناجحة أصابت مبنى في أربع مناطق مختلفة بضربات دقيقة،" دون ذكر مزيد من التفاصيل.

وأضافت المصادر – التي طلبت عدم الكشف عن هويتها - أن الموقع العسكري الذي تم استهدافه "كان منشأة لإنتاج الأسلحة"، موضحة أنه يقع بالقرب من "مركز أبحاث الفضاء الإيراني"، الذي فرضت واشنطن عقوبات عليه لعمله في برنامج إيران للصواريخ الباليستية.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه التصريحات تتناقض مع الرواية الإيرانية التي قللت من شأن الهجوم.

الدعم الغربي لأوكرانيا "غير مدروس"

نشرت وكالة أنباء "بلومبيرغ" الأمريكية مقالاً للرأي يهاجم الغرب بسبب دعمه "غير المدروس" لأوكرانيا في حربها ضد روسيا، قائلاً إن تعمق الدول الغربية، وخاصة الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في الصراع ينذر بعواقب وخيمة غير معروفة نتائجها.

وذكر المقال أن الدافع وراء هزيمة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وربما الإطاحة به، يكتسب "زخماً خطيراً وغير مكترث" لدى الدول الغربية، مشيراً إلى أن "الناتو" لم يتعلم من أخطاء الغزو الأمريكي للعراق (عندما أرادوا الإطاحة أيضاً بالرئيس صدام حسين).

واعتبر المقال أن الحقبة الجديدة التي بدأت في السياسة العالمية من خلال التعهد بالتزامات عسكرية جديدة ومثيرة من قبل أوروبا والولايات المتحدة تجاه أوكرانيا، "خطوة محفوفة بالمخاطر يجب أن يتم إدراكها بسرعة دون خداع الذات أو التلطيف".

وأضاف المقال أنه بالرغم من العقوبات الاقتصادية القاسية على روسيا، والخسائر العسكرية التي منيت بها قواتها في ساحات القتال، لا يبدو أن روسيا مستعدة للتفاوض بشأن إنهاء الحرب، لكنها في المقابل، ردت بحشد المزيد من القوات وضرب البنية التحتية المدنية في أوكرانيا.

وتابع: "مما يزيد الطين بلة، يبدو أن الزعيم الروسي يستعد للتصعيد بشكل أكبر، وبشكل أكثر شراسة، ردًّا على قرار الغرب إرسال دبابات قتال رئيسية إلى أوكرانيا. وفي الوقت نفسه، لا توجد مؤشرات على أن عددًا كبيرًا من الروس قد أصبح غاضبًا أو خائب الأمل من زعيمهم".

وأردف: "لا يوجد دليل أيضاً على أن شعوب وحكومات جنوب الكرة الأرضية، الذين يعانون أكثر من غيرهم من العواقب الاقتصادية للحرب، ينقلبون بشكل حاسم ضد بوتين، أو أن معظم سكان العالم يرون أن هجوم روسيا على أوكرانيا يختلف نوعياً عن الغزو الأمريكي للعراق".

وأشار المقال إلى أنه في ظل "غياب الشفافية"، لم يعرب معظم الناس في الدول الغربية عن موقفهم الحقيقي تجاه تورط بلادهم بشكل أعمق مع روسيا، قائلاً: "وفي الواقع، لا يتم السعي للحصول على رأيهم من الأساس".

وسلط المقال الضوء على "ازدواجية" الغرب إزاء تعامله مع الغزو الروسي لأوكرانيا، قائلاً "إن جميع الدول الكبرى في الناتو متواطئة في صراعات مسلحة دمرت مناطق بأكملها من آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا".

كما أشار المقال أيضًا إلى ازدواجية وسائل الإعلام الغربية التي أغفلت "الأخطاء الكارثية التي ارتكبها القادة السياسيون على مر العقود، والتي أغرقت الأصوات المعارضة أو نزع الشرعية عنها عن عمد".

وقال: "هناك سبب وجيه للقلق عندما لا يزال الكثيرون في المجمع الفكري والصناعي في الغرب، وهم لا يزالون بلا عقاب على أخطائهم الكارثية، يشجعون مرة أخرى على تدخل عسكري، هذه المرة ضد زعيم متعصب لدولة مسلحة نوويًا".

واستنكر المقال الدول الغربية "التي تمطر كييف بالأسلحة ومليارات الدولارات"، مشيراً إلى أن أوكرانيا تعد واحدة من أكثر دول العالم فسادًا. واتهم المقال الدول الغربية بـ"عدم المسؤولية"، قائلاً إنها تحاول توسيع وجودها العسكري بالخارج في الوقت الذي تعاني فيه من أزمات اقتصادية بالداخل.