الأورومتوسطي: صحفيّو ومدوّنو العراق في مرمى الاستهداف والتضييق
تاريخ النشر : 2019-10-16 12:19

جنيف: عبّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، يوم الأربعاء، عن قلقه البالغ جراء تزايد الانتهاكات والتهديدات التي تستهدف صحفيين ومدوّنين عراقيين على خلفية تغطيتهم الاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت العاصمة بغداد والمحافظات الجنوبية منذ مطلع أكتوبر الجاري. 

ووثّق المرصد الأورومتوسطي في بيان، إفادات لصحافيين ومدوّنين عراقيين تمحورت حول تعرضهم للتضييق، وآخرين تعرضوا للملاحقة من مجهولين ملّثمين عبر درجات نارية بعد تراجع حدة الاحتجاجات في محافظة الديوانية جنوبي البلاد. 

وأوضح المرصد الحقوقي الدولي، أنّ الإعلامي زيد الفتلاوي ويعمل مراسلاً لإحدى القنوات المحلية العراقية أفاد بأنه تعرض مع زملاء آخرين للمنع من التصوير عدة مرات، كما تعرضوا للتضييق خلال توجههم إلى ساحة التظاهر وسط محافظة الديوانية رغم حصولهم على الموافقة الأمنية مسبقًا.

ووفق الإعلامي الفتلاوي فإنّ قوات "سوات" (القوات الخاصة العراقية) اعتدت عليه وزملائه بالضرب ومنعتهم من التغطية الإعلامية وصادرت معدات التصوير أمام الجميع وحاولت اختطافهم وإجبارهم على الصعود إلى سيارة شرطة موجودة قرب ساحة المظاهرات يوم الخامس من أكتوبر/تشرين أول الجاري. 

وبحسب توثيق مفوضية حقوق الإنسان الحكومية والشرطة العراقية، وصل عدد ضحايا الاحتجاجات في أرجاء العراق خلال الفترة الواقة بين 1 – 8 أكتوبر/ تشرين أول الجاري إلى 112 قتيلًا، في حين بلغ عدد الجرحى حوالي 6107 أشخاص بينهم ما يزيد على ألف منهم من قوات الشرطة والأمن.
وكان المدون العراقي أحمد الشيباني أفاد بتعرضه مع زملائه يوم السابع من الشهر الجاري للملاحقة من مجهولين ملثمين عبر درجات نارية، موضحًا أنه أخبر مكتب مفوضية حقوق الإنسان في الديوانية بما حصل.

وبحسب شهادة الإعلامي الفتلاوي والمدون الشيباني، فإنّ أفراد الأمن وجهوا إليهم تهمًا بينها التحريض ضد الحكومة والتخابر لصالح جهات خارجية والعمل لصالح أجهزة مخابرات أجنبية وسفارات دولية.

وقال الباحث لدى المرصد الأورومتوسطي عمر عبد الله، إن استهداف أفراد من الأمن العراقي صحفيّين ومدوّنين على خلفية عملهم الصحفي يعد مخالفة خطيرة لأبرز المواثيق الدولية التي كفلت حرية العمل الصحفي ونقل المعلومات ومنها المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي أكدت على الحق في حرية التعبير، والذي يشمل الحرية في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار، وتلقيها ونقلها إلى الآخرين في أي قالب وبأي وسيلة يختارها، ودون اعتبار للحدود.

وأضاف عبد الله، أنه يتوجب على الأجهزة الأمنية العراقية التوقف عن التصرّف خارج إطار القانون، والعمل على توفير الحماية للصحفيين بدلًا من ملاحقتهم وتهديدهم، مشيرًا إلى نص المادة 38 من الدستور العراقي والتي كفلت حرية التعبير عن الرأي بكافة الوسائل وحرية الصحافة والطباعة والإعلان دون تقيد أو ملاحقة.

وأكد الباحث لدى المرصد الأورومتوسطي، على أن الحكومة العراقية مطالبة بتمكين الصحفيين والإعلاميين من ممارسة عملهم الإعلامي بحرية وإعطائهم المساحة الكافية لنشر ومتابعة الأخبار والمستجدات، دون تقييد أو ملاحقة ، داعيًا الحكومة العراقية وبشكل فوري إلى إطلاق سراح كافة الصحفيين الذين تم اعتقالهم على خلفية عملهم الصحفي بالإضافة للناشطين السياسين، مؤكدا على أن تلك الممارسات تشكل خرق خطير وواضح للقوانين والمواثيق الدولية التي كفلت مجتمعة الحق في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي بالإضافة للحق في نقل ونشر وبث أي معلومة وخبر.

ويحتل العراق المرتبة 156 من أصل 180 بلدا ضمن لائحة التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي نشرته "مراسلون بلا حدود" في وقت سابق هذا العام.

وأوضح المرصد الحقوقي الدولي أن غياب التشريعات القانونية الضامنة لحرية الصحافة، وبقاء القوانين القديمة يعد عقبة حقيقية أمام تطور الصحافة العراقية وقلما أبدى المشرعون اندفاعا لإلغاء العقوبات المفروضة على جرائم النشر.

وبيّن أن العراق لم يلتزم حتى بالمواثيق الدولية التي ألزم نفسه بها، وبموجب نص المادة 38 من الدستور العراقي وتوقيعه على العهد الدولي ألزم العراق نفسه بتطبيق المعاهدات الدولية، إلا أنّ جميع المواثيق سالفة الذكر تتناقض بشدة مع حزمة القوانين التي ما زالت سارية في العراق.

وختم المرصد الأورومتوسطي بيانه مشيراً إلى أنه رغم تراجع أعمال العنف التي ترتكبها الجماعات المسلحة ضد الصحفيين، إلا أنّ الوسط الاعلامي بات يواجه تدريجيًا عوائق من نوع جديد تحول دون ممارسته لواجبه المهني أبرزها: الاعتقالات والاعتداءات التي تنفذها القوى النظامية وكشفها صحفيون ومدونون مع اندلاع التظاهرات الشعبية ضد ما يصفه المتظاهرون بالفساد المنتشر في مفاصل الدولة العراقية.