"الاستهبال السياسي"..بيان تنفيذية المنظمة "نموذجا"!

تابعنا على:   08:02 2015-08-23

كتب حسن عصفور/ قد لا يجد الفلسطيني المشتت وطنا، وفكرا وموقفا، دليلا جديدا على "حالة التيه السياسي" التي تمر بها "قيادته الرسمية الشرعية" - حتى الساعة - ، والتي أمل أو ظن، وبات الظن كثيره إثم وطني، انها ستكون هي من يقوده الى معركة "الحسم الكفاحي"، ضد المشروع الاحتلالي بكل مكونات جرائمه التي لم يعد أحد لم يسمها بإسمها الطبيعي جدأ، جرائم حرب..

ما حدث ليلة الثاني والعشرين من "اغسطس (آب") 2015، يشكل فصلا مضافا من فصول المهزلة السياسية التي باتت تسيطر على المشهد السياسي الراهن، بل وعمليا منذ الانقلاب الكبير وكيفية إدارة الأزمة، عدا نفحات ضوء، جاءت بقوة الضغط العام، وهي حصول فلسطين على عضوية الإمم المتحدة عام 2012، في قرار تاريخي، تصر القيادة الفلسطينية، أن تتوافق مع أعداء القرار علىى عدم تنفيذه فوق الأرض التي حددها منطوق القرار..

"البيان الهزلي"، يمثل أعلى "درجات الاستهبال السياسي"، الذي بات نمطا للقيادة الرسمية، حتى تاريخه، ونهجا لا يقيم وزنا ولا اعتبارا للشعب الفلسطيني، الذي تمنى يوما الألماني، أن يكون له مثل هذا الشعب، وقال عنه الخالد، واب الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة ياسر عرفات بأنه شعب الجبارين..درجة استخفاف واستهبال بل واستغفال لا سابق لها، وكأن كل الطريق تقود الى أن لا فعل ولا رد فعل على ما يحدث، مهما كانت درجات سخافته السياسية..

وقبل أن نقرأ ما بـ"البيان الاستهبالي"، نمر قليلا على تصريح عضو لجنة تنفيذية من أنصار الرئيس محمود عباس والأكثر حماسا من الآخرين لعقد جلسة استثناية، لأحد الوكالات المحلية، بأنه "سيتم البدء بالتحضير لاجتماع المجلس الاستثنائي والذي سيعقد برام الله في مدة 30 يوما من اجتماع السبت"، موضحا ان "الترتيبات ستتم مع رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون لتحديد موعد محدد للاجتماع".

العضو المتحمس جدا، تجاهل أنه لا يمكن الحديث عن ترتيبات من يوم السبت حيث اجتماع اللجنة التنفيذية، لأن تلك مهمة رئيس المجلس الوطني، لو أن العضو قرأ نص القانون المقر، وليس "قانون صيبا"، الذي بدأ يسري في "بقايا الوطن"..ومن هنا تبدأ مسرحية الزعيم"..

والى ما جاء في البيان، الذي تحدث عن جلسة استثنائية للمجلس الوطني وفق المادة 14 من القانون الأساسي، دون أن يذكر نص المادة، التي تقر بضرورة "فقدان النصاب في اللجنة التنفيذية"، أكملته المادة 15 المعدلة، بأنه اذا كانت الحالات الشاغرة تساوي ثلث الأعضاء أو أكثر يتم ملؤها من قبل المجلس في جلسة خاصة يدعى لها خلال مدة لا تتجاوز الثلاثين يوما..وفي حالة القوة القاهرة بتعذر عقد جلسة عادية يتم ملئ الشواغر من قبل اللجنة التنفيذية ومكتب المجلس الوطني ومن يستطيع الحضور، وذلك في اجتماع مشترك..

تلك هي المسند القانوني لأي جلسة استثنائية أو عادية للمجلس، ولأن "الأمين الجديد" على "اسرار التنفيذية" صائب عريقات نفى وجود استقالات، رغم أن كل المواقع المحسوبة على الرئاسة وأجهزتها قالت بغير ما قال صائب، لكن الرسمي قول صائب، ولذا يمكن اعتبار ما ورد في بيان التنفيذية عن "جلسة استثنائية" للمجلس الوطني ساقط شرعا وقانونا..وتلك إولى نماذج الاستهبال..

أما اذا كانت هناك "رغبة جامحة" لتقديم الرئيس عباس ومعه "ثلة أعضاء" استقالتهم الى رئيس المجلس الوطني فلا يعتد بالدعوة التي جاءت في البيان اعلاه، لأن الاستعدادات تبدأ من يوم قبول الاستقالات وليس تقديمها، فماذا لو رفضها مثلا أبو الأديب ومكتب المجلس الوطني، هل سيم اكراهه على قبولها بقوة الأجهزة العفية التي يعرفها أهلنا..سؤال لمن يتسعبط أكثر مما يجب!

وتستمر "المهزلة" عندما يتحدث البيان بلا أي رجفة ذهن عن " أكدت اللجنة التنفيذية على استمرار وبذل كل جهد ممكن لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية وإنهاء الانقسام، وذلك لتوحيد الصفوف لمواجهة المخططات الإسرائيلية الهادفة إلى تدمير المشروع الوطني الفلسطيني، داعية إلى وجوب تشكيل حكومة وحدة وطنية لاستكمال اعمار قطاع غزة بأسرع وقت ممكن وإجراء انتخابات عامة..."

فقط نبحث احتكام العقل ولو لخمس دقائق في هذه الفقرة، حيث لم تحتمل هذه اللجنة أن تبذل أي جهد حقيقي لعقد "الإطار القيادي المؤقت" المتفق عليه وطنيا ورسميا لجلسة واحدة لبحث كل ما ورد في الفقرة "الوحدوية جدا"، ولأنها "وحدوية جدا" فهي تدعو الى اجراء انتحابات عامة بأسرع ما يمكن، دون أن تقول للعامة قبل الخاصة، كيف ومتى وأين ولما، وهل بعد جلسة بلا اي اتفاق يمكن بحث انتخابات عامة أو تشكيل"حكومة وحدة وطنية تشمل قطاع غزة"..يا رب سترك!

وتواصل اللجنة " وأكدت اللجنة التنفيذية على الجهود التي تبذلها اللجنة الوطنية العليا لمتابعة المحكمة الجنائية الدولية، وخاصة تقديم ملف إضافي حول الجريمة الإرهابية بحرق عائلة دوابشة في بلدة دوما في محافظة نابلس، داعية إلى وجوب الإسراع في خطوات محاسبة ومساءلة سلطة الاحتلال ( إسرائيل ) في كافة المحافل الدولية بما فيها المحكمة الجنائية الدولية".

ومنذ تشكيل "لجنة الأربعين" اياها لم نر قضية واحدة احتلت مكانها في تلك المسيرة، بل أن تقارير نشرت أنها ستبحث التخلي عن شكاويها، وفقا لما تم نشره ولم ترد عليه لا اللجنة الموقرة ولا متفرعاتها مثل "لجنة الأربعين"..

ونصل الى قمة المأساة السياسية في بيان التنفيذية الاستهبالي جدا، " وشددت اللجنة التنفيذية على وجوب الإسراع في تنفيذ قرارات المجلس المركزي الفلسطيني في دورته الأخيرة في آذار الماضي، وخاصة فيما يتعلق بوجوب تحديد العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية مع سلطة الاحتلال ( إسرائيل ) وذلك على ضوء تنكر الحكومة الإسرائيلية لكل ما ترتب عليها من التزامات ومن الاتفاقيات الموقعة، مؤكدة من الاتصالات الرسمية قد بدأت فعليا لتنفيذ هذه القرارات مع كافة الجهات المعنية"..

اللجنة التنفذية تدعو الى تطبيق قرارات المجلس المركزي، دون أن تعلم، أنها هي وحسب القانون الأساسي والنظام الداخلي للمنظمة، ومجددا ليس "قانون صيبا"، من عليه أن ينفذ، فمن تكون تلك الجهة التي تطالبها تنفيذية المنظمة بتطبيق قرارات المجلس المركزي، هل هناك جهة سرية أخرى لا يعلم عنها الشعب وكلفت بخوض معركة "تحديد العلاقات مع الكيان الاسرائيلي"..

ما هذا وما الذي يحدث..هل يعلم الرئيس عباس ومن ورطه في هذا البيان، أن هذه الفقرة وحدها تكفي لأن يخرج الشعب الفلسطيني، حيثما وجد فوق هذه الأرض، حاملا الطناجر والدفوف ليرقص ويغني على "عبقرية كاتب البيان"، داعيا الى أن "إرحلوا بهدوء" كفاكم استغباءا واستهبالا واستخفافا..

وقبل الختام، الا ترون أن البيان الاستهبالي تحدث عن جرائم الاحتلال ولم يتطرق مطلقا الى جريمة حرق المسجد الأقصى التي مرت ذكراها قبل يوم من الجلسة، تجاهل مدفوع الثمن، أن أي حديث عن الجريمة تساوي عدم عقد "جلسة الشهوة الإنتقامية" الخاصة..ثمن ما ابخسه..

وللتذكير فقط، أي جلسة قادمة لن تناقش أي قضية سياسية مطلقا وفق القانون الأصلي..الا أذا تم تطبيق "قانون صيبا"!

ملاحظة: الصدمة أن يوافق أحد مكونات اليسار الفلسطيني، بتاريخه الوطني الكبير على مثل هذا البيان الاستهبالي، افتراضا أن ممثليه الحاضرين، عضو التنفيذية الحالي ومن يستعد ليكون البديل عنه..

تنويه خاص: تصريحات قيادات حماس يوم السبت حول "اتفاق تهدئة" "اتفاق هدنة طويلة الأجل" "عدم وجود أي اتفاق تهدئة أو هدنة بل وقف اطلاق النار"، تماثل بذات المكانة السياسية، بيان الاستهبال اعلاه..يالله كل بيستهبل على كله ..لكن للشعب حساب قادم حتما!

اخر الأخبار