
اشتعال مصالحة' الطرد السريع'
كتب حسن عصفور/ لنتجاوز حرب حماس على الشرعية الفلسطينية في الأسبوع الأخير ، ولنعتبرها ردة فعل' صادقة وعاطفية ومخلصة' وفاء لدماء شهداء حرب غزة ( غالبهم مواطنين في بيوتهم ) ، ولنعتبر أن صورة الرئيس عباس على جدران غزة ، فعل من تنظيم إرهابي متطرف حقود لا يريد خيرا لشعب يبحث حريته ، وليكن ' تحرير' جامعة الأقصى خطوة أكاديمية لتوفير الرواتب والمتطلبات بعد وعد شيخ قطر بتسديد كل لوازم تعليم ( تحت سيطرة حماس فقط) ، ولتذهب كلمات بعض من متحدثيهم إلى مكان غير مكان السمع الإنساني ، كما يمكن اعتبار أقوال فتح بكل ما لها رد فعل على قول ..
لنعتبر أن كلام تأجيل المصالحة السابق حرارة دم لغضب بشري يمكن السيطرة عليه بـ'حكمة وخبرة ودهاء' لاحقا ، ولنرى أن فصائل من دمشق ترى وجوب التأجيل فيما قطاع غزة بفصائله جميعا ( بلا حماس) ترى عكس رؤية فصائل دمشق الثماني ، والمفارقة أن بعضها مكرر ، هذه المفارقة تعبير عن رؤية من ليس تحت النار الحكيم البارد العميق في الرؤية والتفكير ، ليس كصاحب الحاجة المحاصر المغلوب على أمره خنقا ، والمشتاق لنسمة حرية بلا حصار ولا إرهاب ..
يمكن تفهم أن تأخير ' اللقاء الاحتفالي ' لترسيخ الوحدة الوطنية وتعميقها بمثابة ' عقلانية محسوبة' فيوم من هنا ويوم من هناك لن يضير أبدا ما دام الهدف هو ' الوطن ' حبا ومصلحة وليس ' مصالح لهذا الطرف أو ذاك' ، وبالإمكان العمل المتواصل بلا كلل ولا ملل لإزالة رواسب أسبوع مزعج ومنهك ومرهق وربما مقرف أيضا ، بكل ما احتوى من أخطاء وخطايا ... كي يتم تعبيد طريق ' الوفاق والتوافق الوطني المنتظر طويلا ' من الشعب والأمة ، أصدقاء وأعداء أيضا ..
ولكن وليلة يبدو أن القمر قد غاب عنها ، حدثت تطورات تعيد الحسابات من جديد ، بل ربما تقلبها رأسا على عقب ، وتعيدها للخلف كثيرا إن لم تفقدها إمكانية التحقيق ، جاء خطاب الرئيس عباس مختلفا عن ما سبقه من كلام للشرعية الفلسطينية ، تحدث وأوضح بعض مما كان منتظرا ، ربما كان كل ما قاله الرئيس مطلوب قبل اتخاذ القرار وليس بعده فلو صارح القيادة الفلسطينية بأطرها المختلفة ثم شرح بعضا مما يجب شرحه لشعبه صاحب الولاية العامة ، لعل الفلسطيني كان له موقف مختلف ما لم يكن ' صاحب أجندة مسبقة' .كلام سياسي تختلف معه تتفق معه ، قاله الرئيس لكن من الصعب جدا أن لا تحترم صراحة ما متأخرة ولكنها جاءت ،علها تكون درسا لبعض المبررين وسذاجة تعاملهم مع بعض الخطأ السياسي الخطير .
تحدث الرئيس ، ربما من المرات النادرة ، عن مسعى حماس ' لإقامة إمارة ظلامية في قطاع غزة' ، هي ليست جملة تقال في مقال أو تحليل ، بل تأكيد من رأس الشرعية الفلسطينية مفترضا أنه كان على بعد أمتار من ' التصالح معها' وهو ليس رد فعل لتهمة حماس بتخوين الرئيس ولا المطالبة بإسقاطه ، بل هو تحديد فكري – سياسي لمن ' خطف قطاع غزة' ، وهو وصف قد يكون الأصعب على حماس منذ ما بعد بدايات الانقلاب الحزيراني الأسود .
ولكن جاء خطاب مشعل الذي تم توقيته فقط للرد على خطاب الرئيس ، ليحمل توضيحا لا بعده توضيح فيما تريده حماس ، فمشعل الذي أصابه الارتباك من هجوم الرئيس غير المسبوق ( حتما لم يتوقعه مشعل) ، قال إن ما يبحث عنه هو بناء ' مرجعية جديدة ' لقيادة العمل وتتخذ القرارات قبل الشروع في الاتفاق ، دون توضيح ما هي ومن هم أطرافها ، ومن هو رأس الهرم بها وهل هي تحقيق لـ' حلم حماس التآريخي' لاستبدال منظمة التحرير الفلسطينية .. كلام خالد مشعل المشترط أولا ' مرجعية جديدة 'وقبل التوقيع يحمل الرسالة الأكثر دلالة على ما هو قادم من ' مخطط شطب المنظمة ' بصيغ مختلفه ، وهو شرط ورغبة وسعي حمساوي قبل ' خدعة حماس ' باستغلال خطأ تأجيل تقرير غولدستون' ، فسبقها بأسابيع قليلة جدا إسماعيل هنية برسالة بعثها إلى أمين عام الأمم المتحدة ، عندما قال ' سندعم أي خطوة على طريق الدولة الفلسطينية شرط الاعتراف بنا ممثلا للشعب الفلسطيني ' . والآن بات ' ترتيب البيت وبناء مرجعية جديدة شرط مسبق للمصالحة ' وليس نتاجا لها .. كلام يشعل النار فعلا في ' وثيقة البريد السريع القادمة من القاهرة للتوقيع' .. فطرد مشعل من دمشق أسرع حريقا من ما أتى من القاهرة ... مجددا ضرورة خطاب مشعل بلا عاطفة أو تسرع فهم يحمل الرد القاطع لطريق ' المصالحة..
ملاحظة: كلام د. الزهار غضب خاص لسبب يعرفه قبل غيره .. لكن مشعل يرى أن صلحه لفك العزلة عن غزة وليس لحماية مشروع وطني .. تأكيد لقول ' الإمارة' .. ما أبعد الرؤى والأهداف وطنيا.
التاريخ : 12/10/2009