تغريدةُ النورس الأخيرة

أخَذتْ بتلابيبي؛ ثمّ استحكمتْ، حتى سَرَتْ في دمي. قالت: أنا طيرٌ. وتطايرتْ. قلتٌ: وأنا نورسٌ. ولاحقتُها. بين الغيومِ كانتْ قبسا، يخترقُ طبقاتٍ، ويمورُ، وكنتُ المتتبعَ بقلبٍ يرتجف، حتى حطّتْ على بلاطٍ، وسقطتُ مهيضا جوارَها؛ لكنّها تباعدتْ، وتَحلّق خلقٌ، وخضضتُ دماغي الذاهلَ، حتى تثبّتُ، وعرفتُ أننا بين فرنجةٍ يؤدون - وهي وسطهم - رقصةً قديمة، وكنت

27 مارس 2022

العائد

عند العصرِ؛ اعتلى السقالة، ألقى آخر كيسِ اسمنتٍ فوق الأكداس، ثمّ هرول مغبرا، حتى جاء فَرشةَ كوخِه الوحيدة، فرمى جسده، ثم غرق في سبات. لكنه سرعان ما قفز، ثم سقط، من بعد أن قصف الطرقُ بابه المتآكل .. ارتجف؛ حتى اهتز .. فمه المعقوف تقدم ظهره .. هَمس: - مِ .. ين؟ كاد الباب يطير، فترنح على عظمِ ساقين نخرهما الرعب. - مِ .. ين؟ وجاء صوتُ جارِه: - أن

17 فبراير 2022

الْوِنش

كان في حارتنا .. رأسُه ثقيلٌ أشعث، وكرشه زاده قِصَرا، إذا ما غاب؛ افتقدناه، وذهبنا جماعةً، نصيح: - يا .. ونش. أبوه يخرجُ بالشارب الكبير .. عيناه تقدحان؛ فنقفز: - رَوْحوا، يا أولاد الكلب. يغافلُه، ويأتينا، فنضربُ قفاه، ونقرصُ خديه الواسعين، وننتفُ شعرَه المتهدّلَ المتسخ، وهو يوزعُ الابتسامات: - اسكتْ يا راجل. خطونا إلى البعيد، تعمقنا في الأشوا

11 فبراير 2022

نشيدُ الوَداع

عندما تعلقت المروحيّةُ؛ غمرتني دهشةُ الحالمين .. على نافذة الفصل؛ رأيتها بأمِّ عيني .. دقّقتُ، وتمحصتُ، ونقّلتُ بصري .. تيقنتُ مما أرى؛ عندما شهق الصغارُ، ثمّ شرعوا جماعةً بالتصفيق. كانت هائلةَ، تؤرجحُ هيكلها .. لم ينتبني هلعٌ، بل راحةٌ، وجذل، كذلك الصغارُ الذين بدوا مرحبين، وهي تزنُّ كدبورٍ عملاقٍ آتٍ من عالمٍ مخبوءٍ خلف الغيم .. كانت رسولا

02 فبراير 2022

مطرٌ .. مطر

المطرُ توأمُ روحي العائد، وغزةُ عادت بمرحٍ تغتسل .. المطرُ عازفٌ دهريٌّ، يحملُ معه وجه جدي المستمعَ القديم .. المطرُ يوحدُ ترابنا، ويحملُ طِيبَ البعيدين .. السماءُ فتحت نوافذها .. نحنُ نقهقه، وهم يتوعدوننا .. المطرُ فِراشُ شمسِنا القادمة .. غزةُ تقفُ الليلة .. تلقم المطرَ ثديها .. يغسله من قهر عامٍ مضى .. المطرُ نقّاشُ رملٍ، وموق

31 يناير 2022

أحراش ... وأفيون .. وكرة مُذهبة!

يوم امتلك حسن صديقي تلك الكرة ؛ رقّصها ... مطاطيّةً ملوّنة .. غلبَ عليها لونُ الذهب . .. أبوه كان صاحب مقهى .. أسمر نحيفا .. كنتُ إن رأيتُه .. تخيلته يعلكُ قطعة الأفيون التي دسّها تحت لسانه ..! هذا ما رددته على مسمعي نسوةُ حارة مخيمنا الصغيرة ..! في بيتنا ترددتُ طويلا من قبل أن ألقي قنبلتي .. واطلب كرة مماثلة .. أنطّطها على الجدارِ . .. فورًا ق

26 يناير 2022

عذراء حارتنا

عذراء مخيمِنا ولدت ولدا .. بلا ترقب ولا انتظار، ولمّا حارت الناس، وسؤال الشكّ علا، خرجت عذراء حارتنا بثياب بيضاء إلى العتبة. واثقةً خرجت، ترفع ذراعيها، اقتربوا، ربّما ارتجفوا، أمّا أنا فاندفعتُ .. رأيت لحية شيخ الحارة تهتزّ، وهو يصيح تحت عصاه المرتفعة: - من أبوه؟ لم تتزعزع، ورمته بعينيها، ثمّ زمّت شفتيها، ولم أدر أكانت تعاتبه، أم تغازله، ضحكتْ،

21 يناير 2022

خلف بيتي ذئب ...

هكذا .. لم أذهبْ إليه؛ فجاء .. لم أمثلْ قبالته متفرجا؛ فاقتحم هو غازيا، لم أرقب أنيابه، ولا دورانه اللانهائيّ داخل قفصِه؛ فهبَّ لعينيّ مثل قدر .. أنا الزاهد دنيانا، المعتكفُ منذ عقود، أمارسُ تحديقي في سقفي، وأرقبُ نجمي الآتي؛ تأتيني الآن من خلقِ الله الذئابُ ... كنتُ تنعمتُ بقيلولةٍ تحت نافذةٍ تُسربُ شمسا دافئة، حين هببتُ؛ أستكشفُ سرّ القيام

16 يناير 2022

مطرُ على المخيم

أبهجه الشعاعُ الساقط على نقعٍ، تجمّع من بعد عاصفةِ ممطرة. كانت ليلةً أسْحَمت، حتى غرق المخيمُ في بئرٍ بلا قرار. اهتزّ سطحُ غرفتهم بدفعِ الريحِ، ومن بين قطع القرميدِ المتحركة؛ شقّت الظلمة سيوفُ برقٍ؛ فرَقدَ أكثر، وهو يستقبل وَعيدَ الزلزلة .. كم اشتعل الكونُ؛ وانطفأ، وكم التصق بعظام جدته التي لم تكمل حكايتها. من بعدِ وابلٍ مدرارٍ أطال؛ جاء سكونٌ،

13 يناير 2022

رسائلُ المُحَلّقِ المُقيم ..

أيا ساكنَ البروازِ، والهائم بما أنت فيه: كأنّك عشتَ؛ لتعلَقَ شارةَ ضبطٍ لحركةِ العابرين، يُلقون نظرَ الغدوِ، والرّواح؛ فتبزغْ كريشةِ زَغَبٍ، وتُرعِشُ كلمحٍ، وتدورُ كذبالةِ ضوءٍ. تمكثُ بشبقٍِ؛ وأنت تجمعُ الهمسَ، أو تصفّفُ الصمتَ كمايسترو السكون. أيّها المُلتذُّ؛ وأنت تصول، ولستَ المُبرحَ، ولا المستنكفَ؛ تحلّقُ، وأنت المقيم .. تحطٌ على الأبوابِ، و

24 نوفمبر 2021

موسيقا الورد والأحلام

طالَ غيابُكِ؛ فسعيتُ إليكِ .. عجنتُ الوردَ بماءِ الأحلام، ثمَّ نقشتُك .. زدتُ، وأنقصتُ، حتى ابتسمتُ؛ وأنتِ تضيئين. ورأيتُك تنثالين؛ فتوجدتُ برسمِ التكوينِ. وتماهينا؛ حتى توحدنا في عقلٍ واحدٍ، وروحٍ واحد، وشرعنا نسكبُ الرضا، ونوّزعُ على الأنحاء. وزّعنا، وكان كليُّ القدرةِ يباركُ، وكنتُ المبتهجَ المتتبعَ بريقَ الراحةِ. طربتُ؛ فحلّقتُ، ونثرتُ لؤلؤ

17 نوفمبر 2021

نشيد الوداع

عندما تعلقت المروحيّةُ؛ غمرتني دهشةُ الحالمين .. على نافذة الفصل؛ رأيتها بأمِّ عيني .. دقّقتُ، وتمحصتُ، ونقّلتُ بصري .. تيقنتُ مما أرى؛ عندما شهق الصغارُ، ثمّ شرعوا جماعةً بالتصفيق. كانت هائلةَ، تؤرجحُ هيكلها .. لم ينتبني هلعٌ، بل راحةٌ، وجذل، كذلك الصغارُ الذين بدوا مرحبين، وهي تزنُّ كدبورٍ عملاقٍ آتٍ من عالمٍ مخبوءٍ خلف الغيم ..

01 فبراير 2021

اخر الأخبار